توقيت القاهرة المحلي 02:36:47 آخر تحديث
  مصر اليوم -

صدام «التنويريين» و«المشايخ»

  مصر اليوم -

صدام «التنويريين» و«المشايخ»

بقلم: د. محمود خليل

ثمة مجموعة من المشاكل التى يجدر التذكير بها، يمكن أن تسهم فى فهم حالة الرفض التى يُقابل بها الجهد الذى تبذله نخبة التنويريين فى سعيها نحو تجديد الفكر الدينى. تتعلق أولى هذه المشكلات بالعلاقة بين التنويريين والمشايخ، وموقف الجمهور العام من كلا الطرفين.

مع نشأة «الجامعة المصرية» عام 1908 بدأت أدوار النخبة المرتبطة بـ«الجامع» فى التراجع. والمقصود بالجامع هنا الجامع الأزهر. وقد ظلت النخبة الأزهرية حارسة على الأفكار الدينية التى تحلقت حولها الثقافة الموروثة، وتحددت أهم هذه الأفكار فى تكريس فكرة الطاعة لولى الأمر، والاحتشاد وراءه فيما يخوض من معارك، والرضاء بما يفرضه على الرعية من مغارم مالية، بالإضافة إلى الدفاع عن فكرة التبعية لدولة «السلطان» أو «دولة الخلافة»، وحماية فكرة الالتصاق التاريخى بين البسطاء وأولياء الله الصالحين وأهل بيت النبى.

التحول من الجامع إلى الجامعة كمركز للتعليم مثَّل المقدمة الأساسية لتراجع «نخبة المشايخ» وتصدر نخبة الجامعيين والمبتعثين إلى أوروبا للمشهد. ليس معنى ذلك بحال انتهاء دور المشايخ، فقد ظلوا جزءاً من مثلث السلطة الذى انضم إليه ضلع جديد تمثل فى نخبة الجامعيين. مجالس وصالونات الدولة المصرية الخديوية ثم الملكية ثم الجمهورية كانت تضم الطرفين معاً: «الجامعيين والجوامعيين».

توجهت النخبة المتعلمة الجديدة إلى نقد العديد من مرتكزات الثقافة الموروثة، وكان أول ما انتقدته ذلك الولع الغالب على العقل الشعبى بالدجل والخرافة والولاء المفرط للأولياء من ناحية وللمشايخ من ناحية أخرى.

اجتهد طه حسين وغيره من الكتَّاب والمفكرين فى زلزلة العديد من الثوابت التى ترتكن عليها الثقافة الموروثة، فتكاثرت دعواتهم لتحرير المرأة، وأخذوا يعيدون قراءة التراث الإسلامى وتحليل المحطات التى مر بها تاريخ المسلمين بمنهجيات وأدوات مختلفة، لم يمنحوا فيه العصمة لأحد، إلا لحوادث التاريخ الصحيحة، وقدموا صوراً بالحجم الطبيعى لشخوص الصحابة وخلفاء المسلمين بعيداً عن مبالغات الموروث الشعبى، وكان من الطبيعى أن يؤدى ذلك إلى التصادم مع نظرة التقديس التى يوليها العقل المصرى الشعبى للشخوص، وبدأت الأقلام تمتد إلى ما هو أخطر، وإذا بعلى عبدالرازق يرفض القبول بفكرة أن الخلافة أصل من أصول الحكم فى الإسلام.

«قصف الجبهة» الذى بدأ الجامعيون فى توجيهه إلى الأفكار الموروثة لم يكن له أن يمر دون رد فعل من جانب «الجوامعيين»، فانتفضوا فى المقابل يفندون منهجيات وأدوات نخبة المتعلمين فى تحليل الجذور التاريخية للأفكار الموروثة السائدة، ورفعوا يافطة الجامعة الإسلامية فى مواجهة محاولات هز الثقة بنظام الخلافة.

ليس هناك خلاف على الدور الذى لعبه مفكرو التنوير فى هز الكثير من الأفكار التى استندت إليها الثقافة الموروثة، لكن مشكلتهم الكبرى أنهم لم يتوجهوا بجهدهم إلى الجمهور العام الذى ظل غارقاً فيما هو عليه، وأنهم انشغلوا بالصدام مع نخبة المشايخ أكثر من أى أمر آخر، أضف إلى ذلك نسيانهم أنهم يخوضون معركتهم فى معية السلطة التى كانت ترضى عما يطرحونه من أفكار ما دامت تخدم أهدافهم، لكنها لا تستغنى بحال عن خدمات المشايخ الذين احتفظوا بجانب كبير من تأثيرهم على البسطاء.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صدام «التنويريين» و«المشايخ» صدام «التنويريين» و«المشايخ»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 23:48 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
  مصر اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض  وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 10:20 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن
  مصر اليوم - فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن

GMT 03:10 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

داليدا خليل تستعد للمشاركة في الدراما المصرية

GMT 21:21 2015 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

أهالي قرية السلاموني يعانون من الغرامات

GMT 02:17 2016 الثلاثاء ,21 حزيران / يونيو

فوائد عصير الكرانبري لعلاج السلس البولي

GMT 01:18 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

سامسونج تكشف عن نسخة باللون الأحمر من جلاكسى S8

GMT 17:27 2022 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

أطعمة تمنع مرض الزهايمر أبرزها الأسماك الدهنية

GMT 15:02 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

ريلمي تعلن موعد إطلاق النسخة الجديدة من هاتف Realme GT Neo2T

GMT 13:46 2021 الثلاثاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

رامي جمال يروج لأغنية "خليكي" بعد عودة انستجرام

GMT 04:47 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

{غولدمان ساكس} يخفض توقعات نمو الاقتصاد الأميركي

GMT 05:00 2021 الأربعاء ,14 تموز / يوليو

تفريغ 964 طن حديد في ميناء غرب بورسعيد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon