توقيت القاهرة المحلي 00:40:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التطرف الاجتماعى

  مصر اليوم -

التطرف الاجتماعى

بقلم: د. محمود خليل

يعبِّر التطرف عن حالة تبنٍّ للآراء الشاذة «الإكستريم»، والابتعاد عن الآراء الوسطية السائدة «المين ستريم»، يستوى فى ذلك التطرف الدينى، مع السياسى، مع الاجتماعى، مع الأشكال الأخرى للتطرف.

عند تناول قضايا المجتمع من الواجب عدم اختيار نماذج شاذة، ثم بناء اتجاهات عامة على أساسها. على سبيل المثال ليس من الموضوعية أن ننتقى معنى معيناً يتعلق بتفسير آية قرآنية، ونقول إن ذلك ما قال به المفسرون، فى الوقت الذى تثبت فيه المراجعة المتأنية أنهم قالوا فى تفسيرهم للآية هذا المعنى وغيره.

يقول الله تعالى فى كتابه الكريم: «وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِى جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً».. يذكر «ابن كثير» -ومعه العديد من المفسرين- عند شرح معنى الآية أن الله تعالى ينهى عن تمكين السفهاء من الأموال التى تقوم عليها حياتهم، والسفهاء أقسام: فتارة يكون الحجْر لصغر السن، وتارة للجنون، وتارة لسوء التصرف ونقص العقل أو الدين، ثم أشار إلى قول «ابن عباس» فى المقصود بالسفهاء: «المرأة» وقول الضحاك: «النساء والصبيان».

«ابن كثير» وغيره من المفسرين ينقلون كل الاجتهادات التى قدمت، وواضح أن الرجل يتبنى المعنى الأكثر منطقية للسفاهة، بما تعنيه من فقد العقل أو الرشد.

ليس من الموضوعية أن ينتقى البعض ما نقله ابن كثير وغيره من أقوال فى أن المقصود بالسفهاء: «المرأة»، ونبنى على ذلك رأياً.. الانتقائية تتنافى مع قواعد المنهجية فى التفكير وتؤدى إلى استخلاصات مغرضة، وهى تعكس الوجه الذى نتحدث عنه للتطرف الاجتماعى الدينى الذى ينتقى بعض الآراء الشاذة ويبنى عليها رأياً يذهب إلى أن الإسلام يتبنى موقفاً هادراً للمرأة ومهدراً لحقوقها، ويبلغ الشطط مداه لدى بعض المتطرفين الاجتماعيين، حين يصادرون على تراث تفسير الكتاب الكريم، تأسيساً على رأى أو استخلاص نبت فى سياق مغاير تماماً للسياق المعاصر الذى نعيش فيه.

ليس ثمة فرق فيما يتعلق بمنهجية التفكير بين من يتبنى هذا الطرح، وبين من يرددون أن النقاب فرض على كل امرأة وأنه جزء لا يتجزأ من الزى الشرعى لها، وبالتالى فى منسوب التطرف.

أصحاب الرأيين متطرفان غير مفيدين، بل هما مصدر خطر، خصوصاً حين يتجه أحدهما إلى التحريض على الآخر.. الموضوعية تتناقض مع فكرة التحريض على الغير.. فمن حق كل إنسان أن يكون له رأيه، على أن يترك للآخرين أيضاً فرصة الإدلاء بآرائهم، دون أن يسعى طرف إلى فرض وصايته على الآخرين.

الوسطية لا تدخل فى شىء إلا ووزنته وأدت إلى تفاعل أفضل ما بين البشر، وأخذت بيد المجتمع إلى قدر أكبر من الاستقرار، أما التطرف سواء كان دينياً أو اجتماعياً أو غيره فيسوق البشر إلى نوع من الاستقطاب الذى يتسبب فى سيطرة قيم التنافر والكراهية والتحريض، ولا يستطيع مجتمع مهما كانت صلابته أن يأمن عاقبة ذلك.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التطرف الاجتماعى التطرف الاجتماعى



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon