توقيت القاهرة المحلي 15:24:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أصحاب المال.. وصاحبة المقام

  مصر اليوم -

أصحاب المال وصاحبة المقام

بقلم: د. محمود خليل

على الخط المتصل ما بين ميدان السيدة زينب وميدان السيدة نفيسة يعيش البسطاء من أهالى الخليفة والصليبة وطولون حياة هادئة مطمئنة، حتى فى اللحظات التى اهتزت فيها الأرض من تحت أقدامهم، كما حدث خلال زلزال 1992، كما حكيت لك، فمن وجهة نظرهم لا قلق على من يعيش فى حمى أهل البيت.

إنها القناعة القديمة المتجدّدة الراسخة فى نفوس الكثير من بسطاء المؤمنين من أهل بلادنا، والتى تجدها حاضرة فى رواية نجيب محفوظ «خان الخليلى»، وهو يحكى عن أسرة «عاكف أفندى»، التى تركت حى «السكاكينى» خلال الحرب العالمية الثانية بسبب قُرب معسكرات الإنجليز منه، وتعرّضها لهجمات متكرّرة من طيران الألمان، وانتقلت إلى حى الحسين لتعيش فى حماه. اعتقد عاكف أفندى أن «هتلر» رجل مؤمن ويفهم مقام «الحسين» ومكانته، وأنه ليس من التغفيل ليضرب هذا الحى من القاهرة فيوغر صدر المسلمين عليه، حتى لو سولت له نفسه هذا فللمقام رب يحميه.

اللافت أن سكان الخط الممتد من السيدة زينب إلى السيدة نفيسة يقبعون فى حمى سيدات أهل البيت النبوى الكريم، ويفخرون بأنهم يعيشون فى المكان الذى يحتضن ترابه: زينب بنت على، ونفيسة بنت الحسن الأنور، وسكينة بنت الحسين، ورقية بنت الإمام على الرضا، وعائشة بنت الإمام جعفر الصادق، وغيرهن، مما يؤشر إلى الوضعية الفريدة التى حظيت بها المرأة فى الإسلام منذ عصوره الأولى، والمكانة الخاصة التى اكتسبتها لدى المصريين أبناء الحضارة.

لكن يبقى أن السيدتين الجليلتين: زينب ونفيسة، رضى الله عنهما، تتمتعان بمكانة فريدة فى قلوب أهل هذا الحى من المصريين، بل ولدى أهل بر مصر قاطبة. وقد حكيت لك عن السيدة زينب المؤمنة المناضلة، التى تحول ضريحها إلى قبلة للضعفاء والعواجز وطلاب الحاجات، خلافاً للسيدة نفيسة وضريحها الذى يُعد قبلة للمشاهير وكبار القوم، جنباً إلى جنب مع بسطاء المصريين. هل هذا التوجّه الطبقى نحو ضريحى الكريمتين له ما يبرره؟

السيدة نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن بن على بن أبى طالب، وكان أبوها نائباً للخليفة المنصور على المدينة، وكان ثرياً كبيراً، ورثت عنه الابنة مالاً كثيراً، دأبت على إنفاقه، حين وفدت إلى مصر، على المرضى والفقراء والمساكين، وبالإضافة إلى جودها كانت السيدة نفيسة عابدة زاهدة عالمة بأمور الدنيا والدين.

السيدة نفيسة كانت ثرية للغاية، فهى ابنة لوالٍ وكانت أيضاً زوجة لوالٍ «إسحق المؤتمن» والمال كان تحت يديها كثيراً، ولم تكن من البشر الذين يميلون إلى الحياة وزخرفها، بل على العكس تماماً حبّب الله إليها الصلاة وتلاوة القرآن الكريم وفعل الخيرات، وفضيلتها الكبرى أنها أعطت الأثرياء درساً فى كفالة المرضى والمحتاجين من الضعفاء، وربما فسر لك ذلك ميل الكثير من مشاهير المجتمع من مسئولين وفنانين ورياضيين ورجال أعمال إلى زيارة ضريحها الكريم والصلاة بمسجدها العامر. فقد يكون بعضهم ميالاً إلى تمثّل سلوكها الراقى، وقد يكون آخرون ميالين إلى التمسح بجوارها السعيد، وتلمس بركة الرزق الوفير أو الحفاظ على الثروة منها، لكن المؤكد أن ثمة خيطاً إيمانياً يختلف فى مستوى متانته يربط بينهم وبين صاحبة المقام الكريم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أصحاب المال وصاحبة المقام أصحاب المال وصاحبة المقام



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 13:16 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon