توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«والله رؤوف بالعباد»

  مصر اليوم -

«والله رؤوف بالعباد»

بقلم - د. محمود خليل

دائماً ما تدفع الشعوب ثمن الابتلاءات التي تتعرض لها أرض وفضاء المكان الذي يعيشون فيه.حين يضرب زلزال الأرض، أو تجتاحها عاصفة، أو تغزوها رياح، أو تتساقط على فضائها السيول، أو غير ذلك، فإن البسطاء من أبناء الشعوب هم أكثر من يدفع الثمن.. أولاً بحكم أنهم الكثرة الكاثرة داخل أي مجتمع، وثانياً لأنهم غالباً ما يعيشون داخل المناطق الأكثر هشاشة والأشد عرضة للتأثر بتقلبات الطبيعة.

الابتلاءات لا تتوقف بالطبع عند تقلبات الطبيعة، بل تتعداها إلى تجاوزات البشر وأخطائهم، وذلك على أيدي القلة القليلة التي تتحكم في أمور الكثرة الكاثرة.

غضب الطبيعة بطىء، كذلك شاء لها خالقها سبحانه وتعالى، وهو لا ينفس عن مكنونه إلا بعد سنين طويلة تتراكم فيها أخطاء البشر، فتجد زلزالاً يضرب هنا، أو إعصاراً يضرب هناك وهكذا، لكنك ستلاحظ أن الفاصل ما بين ضربات الطبيعة عادة ما يكون كبيراً، على عكس ضربات البشر لبعضهم البعض، فهي تكاد تحدث في كل ساعة، إن لم يكن في كل لحظة.

الفواصل الزمنية في دنيا الله هدفها منح البشر فرصة للتصحيح وإدراك ما فاتهم، قبل أن يحصدوا ما زرعته أيديهم من إرباك للطبيعة ولعب في قوانينها التي جبلها الله عليها.. أما السرعة في إيقاع ضربات البشر لبعضهم البعض فمردها أن من يريد التحكم في غيره، يحب أن يضعه دائماً في موضع "المضروب على دماغه" حتى لا يقف ويفكر، ويظل في حالة خوف دائم ومتصل يحول بينه وبين التصحيح.

كون الشعوب هي التي تدفع الثمن لا يعني بحال النظر إليها كضحية، ولو صح ذلك بالنسبة لتقلبات الطبيعة، وهي مسائل قدرية بحتة، فإنه لا يصح لتقلبات البشر الذين يتولون أمرهم.. فالزلزال أو الإعصار أو الفيضان قدر، لكن الإنقاذ وغوث المنكوبين هو مسألة بشرية بالأساس.

الشعوب معذورة حين تنسى في غمرة الألم التفكير في المقدمات، ولكن بعد أن تهدا العاصفة فإن الأمر يتطلب وقفة تأمل تبحث فيما كان وما صار.. عليها أن تسأل نفسها: لماذا تدفع ثمناً أكبر من غيرها في مواجهة تقلبات الطبيعة والبشر؟.

كل الدول تتعرض لنكبات طبيعية عديدة، لكن بعضها يدفع ثمناً أكبر من دماء أبنائه مقارنة بأخرى.. والبسطاء داخل كل مجتمع هم من يدفعون أكثر: ضحايا ومصابين.الواقفون على سبيل المثال خلف قرار الحرب الروسية الأوكرانية آمنون مطمئنون يديرون تفاعلات الحرب من وراء حجاب، أما البسطاء والعاديون من أبناء الشعبين الأوكراني والروسي، وكذلك شعوب أوربا فيقفون في مواجهة القتل والإصابة والتهجير والتضخم.

القرار المؤثر على حياة الملايين يتخذه فرد أو مجموعة ثم يختبئون، ويتركون المجموع في المواجهة دون أي أدوات، وما دامت الشعوب لا تتعلم فسوف تستمر الأخطاء.

من يقابل وجه ربه في كارثة طبيعية أو أخرى مصنوعة بأيد بشرية يأوي إلى رحمة ربه: «والله رءوف بالعباد»، لكن من يواصلون مسيرة الحياة مطالبون بالتوقف والتفتيش في الأسباب والمقدمات التي وصلت بهم إلى هذه المآلات.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«والله رؤوف بالعباد» «والله رؤوف بالعباد»



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية

GMT 22:47 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

مبابي يغيب عن نادي سان جيرمان حتى الكلاسيكو

GMT 21:12 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الزمالك يحصل على توقيع لاعب دجلة محمد شريف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon