توقيت القاهرة المحلي 22:02:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

النص القرآنى.. والتفسير

  مصر اليوم -

النص القرآنى والتفسير

بقلم :د. محمود خليل

النص القرآنى نص إلهى نزل به الروح الأمين على قلب النبى صلى الله عليه وسلم. ومن لسان النبى تلقف المسلمون سور القرآن وآياته الكريمة، وشرعوا فى تفسيرها وفض معانيها.

تفاعلت عقول المفسرين والمؤولين الأوائل مع آيات الكتاب الكريم، فبدأت نصوص جديدة فى الميلاد والوجود (نصوص التفسير) غطت فى بعض الأحوال على النص الأصلى، وأصبحت المصدر الأهم الذى يعتمد عليه المسلمون فى فهم دينهم.

ومع عدم إنكارنا لقيمة هذه النصوص إلا أنها فى الأول والآخر نصوص مولدة عن النص الأصلى وهى تحمل رؤى بشرية اجتهادية لا تتمتع بما يتمتع به النص الأصلى من قداسة، وبالتالى فهى نصوص يؤخذ منها ويرد، خصوصاً إذا أخذنا فى الاعتبار الطريقة التى تعامل بها المسلمون الأوائل مع النص القرآنى، حيث تخصصت فئة منهم فى حفظه فى الصدور. وهى الفئة التى أطلق عليها فى ذلك الزمن «القراء» أى حفاظ القرآن الكريم.

ولا يزال الاهتمام الأكبر من جانب الكثير من بسطاء المسلمين حتى يوم الناس هذا موجهاً إلى حفظ القرآن الكريم، ليس ذلك وفقط بل إن مؤسسات رسمية عديدة تنشغل بتحفيظ القرآن الكريم وتنظيم المسابقات ومنح الجوائز للأكثر قدرة على حفظ واسترجاع آياته الكريمة، لكن ما هو كم الجهد الذى يصرفه الفرد والمجتمع إلى الفهم المتعمق للنص القرآنى قياساً إلى الجهد الذى يبذل فى حفظه؟

تعالَ نتأمل أول آية نستقبل بها المولى -عز وجل- فى كل صلاة، آية «الحمد لله رب العالمين». وهى آية صريحة فى الدلالة على أن الله تعالى رب كل العوالم التى يحتشد بها الكون، وليس رب المسلمين وحدهم، لنا أن نسأل: إلى أى حد يحتكم المسلمون إلى مفهوم «ربوبية الله للجميع» بما يحمله مفهوم الربوبية من معانى الرحمة والعطاء والعدل وغير ذلك فى التعامل مع الآخرين.

فى كل الأحوال يشعر أى متأمل للقرآن بحجم المفارقة بين ما يدعو إليه النص الكريم من أخلاقيات والواقع الذى يختلف فى منسوب اقترابه منها أو ابتعاده عنها. والأغلب أن العلة فى هذه المفارقة ترتبط بالاحتكام إلى ظاهر الآيات وبعض الأقوال الموروثة فى الاستدلال على معانى النصوص القرآنية.

دعنا نستشهد من جديد بفاتحة الكتاب التى نردد فيها قوله تعالى: «اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين». لو أنك سألت بعضاً من المسلمين العاديين فى معنى المغضوب عليهم أو الضالين فسيقولون إن المقصود بهم من غضب الله عليهم من عباده بسبب عدم طاعتهم له أو ضلوا عن هدى الله، ذلك إذا لم يكونوا من قراء التفاسير ويعتمدون على الاستدلال العقلى والفطرى على معانى الكتاب الكريم.

ولو أنك سألت بعض قراء التفاسير حول معنى «المغضوب عليهم» أو «الضالين» فربما حصلت على شرح مختلف للدلالات، فقد تسمع من بينهم من يقول إن «المغضوب عليهم» هم «اليهود»، أما «الضالين» فهم «النصارى». والسر فى ذلك هو ما تذهب إليه بعض التفاسير فى تأويل معنى الآية، مثل تفسير «ابن كثير» الذى يشير إلى حديث سأل فيه بعض الصحابة النبى صلى الله عليه وسلم عن المقصود بـ«المغضوب عليهم» فقال لهم «اليهود» وسألوه من المقصود بـ«الضالين» فقال «النصارى». وهو تأويل يتناقض مع المفهوم الأساسى الذى تأسست عليه فاتحة الكتاب «لله رب العالمين». فـ«المغضوب عليهم» تشمل كل من يخرج عن طاعة الله مسلماً كان أم مسيحياً أم يهودياً، وكذلك من يضل. فالضلال ليس مكتوباً على جنس بعينه أو فئة بعينها من البشر.

ليس معنى ذلك بالطبع المصادرة على ما اشتملت عليه كتب التفسير، فالاستفادة منها واجبة، مع الأخذ فى الاعتبار أمران، أولهما أنها منتج بشرى يؤخذ منه ويرد، وثانيهما أن كل مسلم مطالب بأن يتعامل مع النص القرآنى ويستوعب الرسالة بنفسه وبشكل مباشر دون وساطة، إلا فى حالة غموض بعض معانى المفردات، والبعد قدر المستطاع عمن يفرض عليه فهمه الخاص للنص.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النص القرآنى والتفسير النص القرآنى والتفسير



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon