توقيت القاهرة المحلي 19:11:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الجلساء.. أنواع

  مصر اليوم -

الجلساء أنواع

بقلم: د. محمود خليل

كثيراً ما يتردد على لسان البعض بعد أى معاملة مع الغير: «الناس مبقتش زى الأول».. والسؤال: هل فعلاً الناس مبقتش زى الأول؟

لا يطرح هذا السؤال إلا فى الحالات التى تسيطر على تعاملات الناس فيها أخلاقيات الأزمة.. الأزمات بطبيعتها تؤدى إلى ضغوط تدفع من يستسلمون لتداعياتها إلى التخلى عن أخلاقياتهم المعتادة المرتبطة بالظروف الطبيعية، والتعامل بأخلاق فظة مع بعضهم البعض.

هناك من البشر من لا يستطيعون تحمل الأوضاع الأخلاقية الاستثنائية التى تؤدى إليها ضغوط الحياة.. والنتيجة محاولة الهرب أو التنحى جانباً، والإضراب الصامت أو غير المعلن عن التعامل مع غيرهم.

يقول الرسول الكريم، صلوات الله وسلامه عليه: «مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وأما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، أو تجد منه ريحاً منتنة».

الجليس الصالح هو نموذج على البشر الذين يؤدون بأخلاقياتهم الطبيعية القائمة على العطاء والإيثار والصفح والتسامح وتحمل غيرهم، وجليس السوء نموذج على النماذج الإنسانية التى تؤدى بأخلاق الأزمة، حين يميل الفرد إلى استلاب غيره ونهب حقوقه وتعمد الإساءة إليه.

إنه الفارق بين المسك وما يشيعه فى الحياة من أحاسيس طيبة، والنار التى تأكل ما يقابلها.

الأخلاق فى كل الأحوال منظومة يتفاعل فيها التكوين الفردى مع الظروف المحيطة.. فلكل فرد تركيبته الأخلاقية الناتجة عن عوامل عديدة، منها الثقافة والتربية التى تؤثر على قدرته على الإحساس بالآخرين، فهناك من يحس بغيره، وهناك من يعبر على غيره بالتركيبة أو بالجبلة.

عندما تسيطر الظروف الضاغطة على الحياة تختلف مناسيب استدعاء الأخلاقيات الطيبة لدى كل من البشر المتمسكين بما تثقفوا ورُبوا عليه، والبشر العابرين على غيرهم أو اللا مبالين، فتجد جلساء المسك يجتهدون فى التحمل، ونافخى الكير يستسلمون لفكرة النار الموقدة بصورة تهدد من حولهم.

لا خلاف أن للناس عذرها حتى وهى تتخلى عن بعض أخلاقياتها الطيبة فى التعامل نتيجة ضغط الظروف.. فالظروف أحياناً ما تضغط على الفرد فتخرجه عن طوره المعتاد، لكن العاقل من يعرف كيف يعبر مثل هذه المواقف بأعلى درجات التصالح مع أخلاقياته، والعاقل أيضاً من يستوعب أن الظروف غير المواتية شرك بين كل الأجيال من البشر، بل وترتبط بطبيعة الحياة ذاتها التى لا تدوم على حال.

كل الأجيال تمر بظروف إيجابية مواتية، وأخرى سلبية ضاغطة.. والله تعالى هو الذى يدبر الأمر من قبل ومن بعد.. وعلى الإنسان أن يجتهد فى تحقيق معادلة «الجليس الصالح»، ويفهم أنه إذا اختار المعادلة البديلة: «نافخ الكير» فإنه سوف يدخن الحياة من حوله، ويصرف الناس عنه، وسوف يخسر بذلك كثيراً، لأنه لن يستطيع بحال الحياة دون غيره.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجلساء أنواع الجلساء أنواع



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:47 2020 الثلاثاء ,11 شباط / فبراير

ميسي وصيفا لـ محمد صلاح تسويقيا

GMT 16:55 2019 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

السويد تعتقل عراقيا اتهمته بالتجسس لصالح إيران

GMT 06:05 2020 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

تعرّف على الفوائد الصحيّة لفيتامين "ك" ومصادره الطبيعية

GMT 05:39 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

حقيقة إصابة خالد الغندور بفيروس كورونا

GMT 07:44 2020 الثلاثاء ,16 حزيران / يونيو

سيفاس يفوز على دينيزليسبور بصعوبة في الدوري التركي

GMT 22:48 2018 الثلاثاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

منى زكي تؤكد هشام نزيه موسيقار عبقري ويستحق التكريم

GMT 09:07 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

رجل يعتدي على فتاة بالضرب بسبب صفّ السيارات في تكساس
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon