توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

البركان.. والمعجزة

  مصر اليوم -

البركان والمعجزة

بقلم :د. محمود خليل

فى حالة اضطراب الواقع وتشوش التفكير يستقبل البعض ثورات الطبيعة كمؤشر ودلالة على خطر قادم أو أحداث جليلة يخبئها المستقبل.

البعض تفاعل على هذا النحو مع «بركان جزر الكنارى» الإسبانية، فتحدث معلقون عن غضب الطبيعة على البشر، وذهب آخرون إلى أن البركان -مثله مثل الزلازل والأعاصير- يمثل أداة يعاقب الله تعالى بها من يشاء من عباده، ويفلت منها ما يشاء.

بإمكانك أن تطالع الطرح الأخير -على سبيل المثال- عبر مراجعة تعليقات رواد السوشيال ميديا على «المنزل الإسبانى المعجزة» الذى نجا من حمم بركان جزر الكنارى، رغم احتراق كل المنازل المحيطة به، اعتبر المدونون والمغردون هذا المشهد معجزة بكل المقاييس، فرغم أن البركان أتى حتى كتابة هذه السطور على 400 منزل فأحرقها ودمرها تدميراً، كان هذا المنزل هو «الناجى الأوحد»، ولا يخفى عليك ما فى فكرة «الناجى الوحيد» من فلكلورية.

ليس هناك خلاف بالطبع على أن الطبيعة تتحرّك بإرادة الخالق العظيم، كما أن كل خطوة يخطوها الإنسان تقع بإذن الله، لكن البعض يخلط بين الزلازل والحمم والبراكين والأعاصير والرياح والحجارة وغيرها كأدوات أشار القرآن الكريم إلى أنها استُخدمت فى عقاب تجمعات الشرك والضلال، وبين النظر إلى هذه الظواهر الطبيعية كمسألة تحدث فى كل زمان ومكان ولا تحمل دلالة معينة على غضب السماء على الأرض أو تنذر بقدوم أحداث فارقة فى مسارات الحياة.

من المفهوم أن تجد التعامل مع هذه الظواهر فى الماضى مرتكناً إلى تفسيرات غير عقلانية، لأن العلم لم يكن قد تقدم بالصورة التى تفسرها، كما هو الحال اليوم.

كان من الطبيعى على سبيل المثال أن تجد رد فعل الشاعر «المتنبى» على الزلزال الذى حدث فى عصر كافور الإخشيدى أن يمتدح أبا المسك -لقب كافور- قائلاً: «ما زلزلت مصر من كيد ألم بها.. لكنها رقصت من عدلكم طربا».

كان من الوارد أيضاً أن تجد مؤرخاً مثل «الجبرتى» يربط بين الأحداث الكبرى المتعلقة بأوبئة أو بهزائم أو بغزو أو ضنك أو غلاء أو وباء وظهور بعض العلامات الطبيعية قبل أيام من وقوعها، مثل الزلازل، وسقوط الأمطار، والكسوف والخسوف، وغير ذلك، وهو ربط غير موضوعى، بل منشؤه الصدفة، لأن هناك أحداثاً أخرى كثيرة وقعت هزت أركان المصريين دون أن تسبقها أمارة أو علامة من العلامات التى كان يفتش عنها «الجبرتى».

من العجيب أن البعض لم يزل يعتمد على هذا الربط الناشئ عن الصدفة، ولا يكتفى بذلك بل يتجاوز ذلك إلى التأسيس على هذه الأحداث فى توقع حوادث المستقبل، وهو أمر يتنافى مع نظريات العلم المفسرة لهذه الظواهر.. نعم كل شىء يجرى بقدر الله، لكن الخالق جعل لكل شىء سبباً، والإنسان مطالب بتتبع الأسباب.

أغلب الظن أن جنوح البعض إلى الربط ما بين ثورات الطبيعة وأحداث الواقع يعبر عن حجم الأزمات المعيشية التى وقع فيها البشر فى كل مكان على سطح الكوكب جراء حالة التوتر والقلق والضغوط المالية التى تسبّبت فيها جائحة كورونا.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البركان والمعجزة البركان والمعجزة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon