توقيت القاهرة المحلي 08:30:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حرب أكتوبر والسبعينات

  مصر اليوم -

حرب أكتوبر والسبعينات

بقلم :د. محمود خليل

خرج المصريون من حرب أكتوبر فرحين منتشين بعودة الروح والكرامة إليهم، لكنهم دخلوا بعدها فى نوبة توهان طاش معها العقل.

عبارة «الناس مخبوطة على دماغها» كانت رائجة فى ذلك الوقت. فقد كان هناك أمل فى أن يؤدى الخلاص من عبء النكسة إلى إيجاد معطيات لحياة جديدة، تعوض الناس عن فترة المعاناة الجسيمة التى عاشوها لسنوات متصلة منذ 1967، وحتى عام 1973، لكن العام التالى حمل لهم مفاجأة جديدة غير سعيدة.

فى عام 1974 صدر قانون الانفتاح الاقتصادى الذى فتح الباب واسعاً أمام الاستثمار العربى والأجنبى، وأتاح الفرصة كاملة أمام رأس المال الخاص، ليعمل إلى جوار القطاع العام لتدوير عجلة الاقتصاد المصرى.

منذ الستينات وحتى منتصف السبعينات شحّ الكثير من السلع فى الأسواق المصرية: الزيت والسكر والأرز وحديد التسليح والأسمنت. كانت الأسعار زهيدة، لكن السلعة غير موجودة، إلا فى السوق السوداء، حيث تُباع فيه بأضعاف ثمنها.

تراكمت ثروات فى جيوب تجار السوق السوداء، ومن بعدهم دخل على الساحة أصحاب الجيوب الثقيلة من تجار الآثار، وأباطرة الموانئ والجمارك، وتجار الأراضى والعقارات، وتجار المخدرات، وبدأوا رحلة الاستيراد، وامتلأت الأسواق بالسلع، لكن جيوب قطاع كبير من المصريين كانت خالية، ومن أجل ضرب الأسعار لجأ التجار إلى استيراد السلع والأغذية الفاسدة التى سمّمت أجساد المصريين.

انفجر الموقف فى يناير 1977، وجد السادات نفسه فى مواجهة الشعب. لم يهتم لحظتها بتحليل موقف طبقة الحكم، بل طارد أشباحاً وهمية وصفها بالمعارضة، فكر فى لحظة فى مواجهة الجميع، لكن لم يرد على باله أبداً مواجهة طبقة الحكم.

فى كل دولة، وكذلك فى كل فترة من فترات التاريخ توجد «طبقة حكم» تعيش نوعاً من «التهيؤات»، تتخيل فيها أنها حلت مشكلات الناس، وتسلق المجموع بلسان حاد حين لا يعبر عن حمده وشكره لما فعلوه.

طبقة الحكم فى السبعينات -شأنها شأن طبقات الحكم فى كل زمان ومكان- كانت تجلس فى القصور المخملية، تمتد أمامها الموائد السلطانية، يأكلون ويشربون ويمرحون، وعندما تصل إلى أسماعهم صرخات الناس، كانوا يصابون بنوبة عجب من هذا الشعب الذى لم يكن يجد قطعة صابون المواعين، ووفّرت له الطبقة الصابون أبوريحة، وأتاحت له أجود أنواع السلع التى يتعيش عليها المواطن فى أوروبا والدول المتقدّمة.

لم تكن طبقة السبعينات تلتفت إلى أن تجارة الأراضى والعقارات، وألعاب الجمارك، وباب الاستيراد المفتوح لا تصنع اقتصاداً، بل تصنع رواجاً لطبقة هى طبقة الحكم والدائرة المحيطة بها والمستفيدة منها.

إنها المعادلة القديمة المتجدّدة التى تميل فيها طبقات الحكم إلى المجهود الأقل (القائم على الاستهلاك الخدمى) وتنأى عما يتطلبه الاقتصاد الحقيقى من جهد فى الزراعة والصناعة والسياحة وإنتاج السلع التصديرية.

الشىء الوحيد الذى نجح الشعب، وليس طبقة الحكم، فى تصديره إلى الخارج ليشكل أهم مصدر للعملة الأجنبية فى مصر هو العمالة المصرية فى دول العالم المختلفة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرب أكتوبر والسبعينات حرب أكتوبر والسبعينات



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon