توقيت القاهرة المحلي 12:57:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حرب أكتوبر والسبعينات

  مصر اليوم -

حرب أكتوبر والسبعينات

بقلم :د. محمود خليل

خرج المصريون من حرب أكتوبر فرحين منتشين بعودة الروح والكرامة إليهم، لكنهم دخلوا بعدها فى نوبة توهان طاش معها العقل.

عبارة «الناس مخبوطة على دماغها» كانت رائجة فى ذلك الوقت. فقد كان هناك أمل فى أن يؤدى الخلاص من عبء النكسة إلى إيجاد معطيات لحياة جديدة، تعوض الناس عن فترة المعاناة الجسيمة التى عاشوها لسنوات متصلة منذ 1967، وحتى عام 1973، لكن العام التالى حمل لهم مفاجأة جديدة غير سعيدة.

فى عام 1974 صدر قانون الانفتاح الاقتصادى الذى فتح الباب واسعاً أمام الاستثمار العربى والأجنبى، وأتاح الفرصة كاملة أمام رأس المال الخاص، ليعمل إلى جوار القطاع العام لتدوير عجلة الاقتصاد المصرى.

منذ الستينات وحتى منتصف السبعينات شحّ الكثير من السلع فى الأسواق المصرية: الزيت والسكر والأرز وحديد التسليح والأسمنت. كانت الأسعار زهيدة، لكن السلعة غير موجودة، إلا فى السوق السوداء، حيث تُباع فيه بأضعاف ثمنها.

تراكمت ثروات فى جيوب تجار السوق السوداء، ومن بعدهم دخل على الساحة أصحاب الجيوب الثقيلة من تجار الآثار، وأباطرة الموانئ والجمارك، وتجار الأراضى والعقارات، وتجار المخدرات، وبدأوا رحلة الاستيراد، وامتلأت الأسواق بالسلع، لكن جيوب قطاع كبير من المصريين كانت خالية، ومن أجل ضرب الأسعار لجأ التجار إلى استيراد السلع والأغذية الفاسدة التى سمّمت أجساد المصريين.

انفجر الموقف فى يناير 1977، وجد السادات نفسه فى مواجهة الشعب. لم يهتم لحظتها بتحليل موقف طبقة الحكم، بل طارد أشباحاً وهمية وصفها بالمعارضة، فكر فى لحظة فى مواجهة الجميع، لكن لم يرد على باله أبداً مواجهة طبقة الحكم.

فى كل دولة، وكذلك فى كل فترة من فترات التاريخ توجد «طبقة حكم» تعيش نوعاً من «التهيؤات»، تتخيل فيها أنها حلت مشكلات الناس، وتسلق المجموع بلسان حاد حين لا يعبر عن حمده وشكره لما فعلوه.

طبقة الحكم فى السبعينات -شأنها شأن طبقات الحكم فى كل زمان ومكان- كانت تجلس فى القصور المخملية، تمتد أمامها الموائد السلطانية، يأكلون ويشربون ويمرحون، وعندما تصل إلى أسماعهم صرخات الناس، كانوا يصابون بنوبة عجب من هذا الشعب الذى لم يكن يجد قطعة صابون المواعين، ووفّرت له الطبقة الصابون أبوريحة، وأتاحت له أجود أنواع السلع التى يتعيش عليها المواطن فى أوروبا والدول المتقدّمة.

لم تكن طبقة السبعينات تلتفت إلى أن تجارة الأراضى والعقارات، وألعاب الجمارك، وباب الاستيراد المفتوح لا تصنع اقتصاداً، بل تصنع رواجاً لطبقة هى طبقة الحكم والدائرة المحيطة بها والمستفيدة منها.

إنها المعادلة القديمة المتجدّدة التى تميل فيها طبقات الحكم إلى المجهود الأقل (القائم على الاستهلاك الخدمى) وتنأى عما يتطلبه الاقتصاد الحقيقى من جهد فى الزراعة والصناعة والسياحة وإنتاج السلع التصديرية.

الشىء الوحيد الذى نجح الشعب، وليس طبقة الحكم، فى تصديره إلى الخارج ليشكل أهم مصدر للعملة الأجنبية فى مصر هو العمالة المصرية فى دول العالم المختلفة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرب أكتوبر والسبعينات حرب أكتوبر والسبعينات



GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 01:43 2022 الثلاثاء ,14 حزيران / يونيو

ياسمين صبري تزداد أناقة بإطلالات فخمة وراقية

GMT 21:09 2021 الجمعة ,23 إبريل / نيسان

"وحيد القرن" أصغر ثقب أسود قريب من الأرض

GMT 19:35 2021 الثلاثاء ,23 آذار/ مارس

بورصة بيروت تغلق التعاملات على ارتفاع

GMT 05:47 2021 الخميس ,28 كانون الثاني / يناير

تعرف على رسالة ياسر فرج الأخيرة لزوجته قبل وفاتها

GMT 15:13 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أتلتيكو مدريد يصنع التاريخ بالأرقام في الدوري الإسباني

GMT 21:10 2020 الأحد ,27 كانون الأول / ديسمبر

بايرن ميونخ أفضل فريق في 2020 ضمن جوائز "غلوب سوكر"

GMT 13:03 2020 الثلاثاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

طبيب يكشف عن والد طفل عروس بنها في حال حملها
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon