توقيت القاهرة المحلي 22:28:37 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أفندية الطبقة الوسطى

  مصر اليوم -

أفندية الطبقة الوسطى

بقلم :د. محمود خليل

أواخر عصر إسماعيل عرفت مصر المدارس الخاصة (بمصروفات) لأول مرة فى تاريخها منذ عصر محمد على، وبقيت هذه المدارس تقدم خدمة تعليمية حقيقية إلى جوار المدارس المجانية، وبمرور الوقت أصبحت المجانية منحة ينالها المتفوقون فقط، الذين كان يتم إعفاؤهم من المصروفات بشكل تام (منحة كاملة) أو من نصفها (نصف منحة).

حتى فترة الأربعينات كان التعليم متاحاً لمن يملك ثمن تمويله، وللفقير المجتهد أيضاً.

وتستطيع تتبّع أوضاع المدارس خلال هذه الفترة عبر تأمل بعض النصوص الروائية التى وصفت أحوالها.

تأمل على سبيل المثال ما حكاه الدكتور خليل حسن خليل فى الجزء الأول من سيرته الذاتية: «الوسية»، وكيف طرده الناظر من المدرسة لأنه حصل على (نصف منحة) أى كان مطلوباً منه دفع نصف المصروفات.

وبإمكانك أن تجد أيضاً فى رواية «بداية ونهاية» وصفاً لأوضاع الفقراء الذين يتعلمون فى المدارس (من خلال نموذج حسين وحسنين ابنى الموظف على كامل) وكيف كانت المدرسة تكفيهم المصروفات أو جزءاً منها إذا كانوا متفوقين، بل وتكفيهم شبح الجوع من خلال ما توفره لهم من وجبات. وبعد وفاة عائل الأسرة استمرت رحلتهما فى التعليم حتى الحصول على شهادة البكالوريا، ما يعنى أن دفع المصروفات كان ممكناً للأسر المستورة، خصوصاً الأسر التى يعولها موظفون.

تستطيع القول إن رحلة التعليم منذ عصر محمد على حتى أوائل الأربعينات هى رحلة الطبقة الوسطى المتعلمة فى مصر. فقد كانت المدارس السر الأكبر فى نشأة وتمدد هذه الطبقة الجديدة بشرائحها المختلفة (المرتفعة - المتوسطة - الصغيرة).

والواضح أن كل شرائح هذه الطبقة كان فى مقدورهم تعليم أبنائهم بمصروفات، أملاً فى أن يكملوا مسيرتهم ضمن كتيبة «الأفندية».

كتيبة الأفندية تلك هى التى ساهمت بالقسم الأكبر فى تحريك الشارع المصرى أيام ثورة 1919، وكان طلاب المدارس العليا هم أول من تحرك، ثم انخرطت بقية الطوائف معهم فى التظاهر، بما فى ذلك طبقة الموظفين التى خرجت للتظاهر فى ذلك الوقت لأول مرة فى تاريخها منذ عصر الوالى الكبير.

خريجو كلية الحقوق أو (أفندية الحقوق) هم من قادوا الحكم البرلمانى وحركة التحول الديمقراطى بعد ثورة 1919 والتى كانت خطوتها الأولى إصدار دستور 1923 الذى نص على مجانية التعليم الأساسى فى المدارس التابعة للدولة، وهو النص الذى تمت ترجمته عام 1944 بصدور قرار بمجانية التعليم الابتدائى فى المدارس الحكومية.

واستكمالاً لمسيرة سيطرة الطبقة الوسطى على حركة التعليم فى مصر أصدر طه حسين عام 1951 قرار مجانية التعليم الثانوى، ثم أتمت ثورة يوليو 1952 الرحلة بإصدار قرار مجانية التعليم الجامعى.

التعليم كان الأداة التى وفرت المساحة لتشكل وتمدد الطبقة الوسطى فى مصر، وحتى فترة الخمسينات كان هناك قناعة بفكرة «التعليم» فى حد ذاته، وبأن المدارس والجامعات أماكن لتخريج المتعلمين تعليماً حقيقياً وليس حمَلة الشهادات، ورغبة من الطبقة الوسطى فى المزيد من السيطرة فقد أرادت أن توفر للطبقات الأقل قدرة فرصة للحراك لتنتقل من الطبقة الفقيرة إلى الطبقة الوسطى عبر معراج التعليم.

فحتى ذلك الوقت كان غالبية أفراد هذه الطبقة ينتمون فى الأصل إلى أسر فقيرة، لكن التعليم ثم الوظيفة ساعدا فى تحريكهم عدة درجات على السلم الاجتماعى، انتقلوا بعدها إلى الطبقة الوسطى.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أفندية الطبقة الوسطى أفندية الطبقة الوسطى



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon