توقيت القاهرة المحلي 04:53:34 آخر تحديث
الثلاثاء 29 نيسان / أبريل 2025
  مصر اليوم -
أخبار عاجلة

الأدب مع القرآن الكريم

  مصر اليوم -

الأدب مع القرآن الكريم

بقلم :د. محمود خليل

الخلط بين كتاب الله الكريم المنزل من السماء وكتب العلم ينطوى على مغالطات عديدة لا يصح العبور عليها.

فكتاب الله تعالى أساسه وحى السماء، وهو كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهو أيضاً كتاب لا ريب فى محتواه فى وجدان المؤمنين به.

فى المقابل تحمل كتب العلم اجتهادات تمخض عنها العقل البشرى فى مواجهة ظواهر الطبيعة ومشكلات الحياة، ويعبر محتواها عن عصارة الفكر الإنسانى الذى يتوجب على كل من يريد أن يطور البيئة التى يعيش فيها ويزيدها تألقاً وتنوراً أن يأخذ به.

القرآن يحمل فى محتواه حقائق كبرى يجتهد الإنسان فى فهمها وتأويلها فى سياق ظرفه وعصره والأخذ بها قدر طاقته، وحسابه فى النهاية على الله، أما كتب العلم فتحمل اجتهادات قد تخطئ وقد تصيب، وقد تتغير من عصر إلى عصر، نتيجة ظهور اجتهادات جديدة تجبّ ما قبلها، وإذا كان جوهر التفاعل مع حقائق القرآن الكريم هو الإيمان، فمدار التفاعل مع اجتهادات العلم هو التجريب، بمعنى تجريب أو اختبار الفكرة فى الواقع للحكم عليها.

حقائق القرآن عامة بين البشر وتنطبق عليهم جميعاً. تأمل على سبيل المثال الآيات الكريمة التى تصف النفس الإنسانية: «إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً إِلَّا الْمُصَلِّينَ».. «وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ».. «خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ».. «وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَىْءٍ جَدَلاً».

نتائج العلم على العكس من ذلك، ونتاجه لا تحمل قيمة عامة لدى كل البشر. على سبيل المثال هناك عشرات الأدوية التى تُستخدم فى علاج مرض ضغط الدم، والدواء الواحد ينتج بدرجات مختلفة من التركيز، ولا تستطيع أن تقول إن دواءً معيناً منها بمقدوره أن يعالج الضغط العالى، فالقرار متروك للطبيب المعالج الذى يقدر حالة المريض ويحدد الأنسب له، ثم يدخل بعدها فى مرحلة تجريب، يتناول المريض خلالها الدواء ويقيس منسوب الضغط، ويبدأ الطبيب فى التعديل بناء على القياسات، حتى يستقر على المناسب للمريض.

لا بد أن يملك الطبيب علمه، والصيدلى أسرار صناعته. كلاهما مطالب بذلك، ومؤكد أنهما حريصان عليه، لأن جزءاً من تكوين الطبيب أو الصيدلى فى رحلة التعليم يتحدد فى تكريس فكرة «التعليم المستمر» داخلهما، فالعلم يأتى كل يوم بجديد، لأن قاعدته التغير وليس الثبات، ومن لا يتطور تدهسه عجلات الواقع، ويصبح سلعة بائرة فى سوق الحياة.

الطبيب والصيدلى يطوران نفسيهما عبر القراءة ومراجعة الجديد فى مجال تخصصهما، وأيضاً من خلال الحالات التى يتعاملان معها، ومن خلال السفر وحضور المؤتمرات وغير ذلك من أدوات يحصرها البعض بصورة غير دقيقة فى القراءة.

تبجيل كتاب الله الكريم وتلاوته وتدبر معانى آياته لا يعنى بحال إهمال الكتب التى تحوى بين دفتيها العلم ونظريات العلوم فى التخصصات المختلفة واحترام ما فيها من محتوى، لكن من المهم فى هذا السياق التنبه إلى أن المتحدث عن القرآن لا بد أن يراعى أنه بصدد نص مقدس، يستوجب منه الأدب عند التناول.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأدب مع القرآن الكريم الأدب مع القرآن الكريم



GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

ميريام فارس تتألق بإطلالات ربيعية مبهجة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 13:43 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 04:18 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على أبرز الأعمال الدرامية التي عُرضت خلال عام٢٠١٩

GMT 04:54 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

سيارة كهربائية خارقة جديدة من دودج بمدى سير يتجاوز 500 كم

GMT 03:09 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

تحصيل 135 ألف جنيه مستحقات 3 عمال مصريين في جدة

GMT 19:29 2021 الأحد ,21 آذار/ مارس

مؤشر سوق مسقط يغلق منخفضًا بنسبة 0.52%

GMT 09:15 2021 الخميس ,04 آذار/ مارس

احتفالية خاصة لشيكابالا قبل مواجهة الترجي

GMT 04:06 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حادث مروع لغروجان يتسبب في توقف سباق البحرين

GMT 22:39 2020 الثلاثاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

مريض نفسيا يمزق والدته وشقيقته ويصيب زوجها في حدائق الأهرام

GMT 11:18 2020 الجمعة ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

النفط ينزل بفعل ارتفاع إصابات كورونا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon