توقيت القاهرة المحلي 20:07:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأدب مع القرآن الكريم

  مصر اليوم -

الأدب مع القرآن الكريم

بقلم :د. محمود خليل

الخلط بين كتاب الله الكريم المنزل من السماء وكتب العلم ينطوى على مغالطات عديدة لا يصح العبور عليها.

فكتاب الله تعالى أساسه وحى السماء، وهو كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهو أيضاً كتاب لا ريب فى محتواه فى وجدان المؤمنين به.

فى المقابل تحمل كتب العلم اجتهادات تمخض عنها العقل البشرى فى مواجهة ظواهر الطبيعة ومشكلات الحياة، ويعبر محتواها عن عصارة الفكر الإنسانى الذى يتوجب على كل من يريد أن يطور البيئة التى يعيش فيها ويزيدها تألقاً وتنوراً أن يأخذ به.

القرآن يحمل فى محتواه حقائق كبرى يجتهد الإنسان فى فهمها وتأويلها فى سياق ظرفه وعصره والأخذ بها قدر طاقته، وحسابه فى النهاية على الله، أما كتب العلم فتحمل اجتهادات قد تخطئ وقد تصيب، وقد تتغير من عصر إلى عصر، نتيجة ظهور اجتهادات جديدة تجبّ ما قبلها، وإذا كان جوهر التفاعل مع حقائق القرآن الكريم هو الإيمان، فمدار التفاعل مع اجتهادات العلم هو التجريب، بمعنى تجريب أو اختبار الفكرة فى الواقع للحكم عليها.

حقائق القرآن عامة بين البشر وتنطبق عليهم جميعاً. تأمل على سبيل المثال الآيات الكريمة التى تصف النفس الإنسانية: «إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً إِلَّا الْمُصَلِّينَ».. «وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ».. «خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ».. «وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَىْءٍ جَدَلاً».

نتائج العلم على العكس من ذلك، ونتاجه لا تحمل قيمة عامة لدى كل البشر. على سبيل المثال هناك عشرات الأدوية التى تُستخدم فى علاج مرض ضغط الدم، والدواء الواحد ينتج بدرجات مختلفة من التركيز، ولا تستطيع أن تقول إن دواءً معيناً منها بمقدوره أن يعالج الضغط العالى، فالقرار متروك للطبيب المعالج الذى يقدر حالة المريض ويحدد الأنسب له، ثم يدخل بعدها فى مرحلة تجريب، يتناول المريض خلالها الدواء ويقيس منسوب الضغط، ويبدأ الطبيب فى التعديل بناء على القياسات، حتى يستقر على المناسب للمريض.

لا بد أن يملك الطبيب علمه، والصيدلى أسرار صناعته. كلاهما مطالب بذلك، ومؤكد أنهما حريصان عليه، لأن جزءاً من تكوين الطبيب أو الصيدلى فى رحلة التعليم يتحدد فى تكريس فكرة «التعليم المستمر» داخلهما، فالعلم يأتى كل يوم بجديد، لأن قاعدته التغير وليس الثبات، ومن لا يتطور تدهسه عجلات الواقع، ويصبح سلعة بائرة فى سوق الحياة.

الطبيب والصيدلى يطوران نفسيهما عبر القراءة ومراجعة الجديد فى مجال تخصصهما، وأيضاً من خلال الحالات التى يتعاملان معها، ومن خلال السفر وحضور المؤتمرات وغير ذلك من أدوات يحصرها البعض بصورة غير دقيقة فى القراءة.

تبجيل كتاب الله الكريم وتلاوته وتدبر معانى آياته لا يعنى بحال إهمال الكتب التى تحوى بين دفتيها العلم ونظريات العلوم فى التخصصات المختلفة واحترام ما فيها من محتوى، لكن من المهم فى هذا السياق التنبه إلى أن المتحدث عن القرآن لا بد أن يراعى أنه بصدد نص مقدس، يستوجب منه الأدب عند التناول.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأدب مع القرآن الكريم الأدب مع القرآن الكريم



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 09:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يفتح آفاقا جديدة في علاج سرطان البنكرياس

GMT 08:28 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 01:54 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أغنياء المدينة ومدارس الفقراء

GMT 09:59 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

GMT 10:29 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

شريف مدكور يُعلن إصابته بفيروس يُصيب المناعة

GMT 12:37 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

طبيب الأهلي يعلن جاهزية الثلاثي المصاب للمباريات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon