توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ربنا بيسلط أبدان على أبدان

  مصر اليوم -

ربنا بيسلط أبدان على أبدان

بقلم: د. محمود خليل

مثل مصرى شائع يقول «ربنا بيسلط أبدان على أبدان». وهو لا يعنى بحال أن الناس تتحدث بلسان الخالق العظيم، بل ينقلون من خلاله وعيهم بتجارب الواقع ومشاهدات الحياة التى تدلل فى كل لحظة على أن الله تعالى ينتقم من الظالمين بالظالمين. يقول الله تعالى: «وَكَذَلِكَ نُوَلِّى بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ». والمعنى واضح فى الآية الكريمة فالخالق يسلط الظالمين على الظالمين ليأكل بعضهم بعضاً، وبالتالى يعاقب منظومة الظلم بأكملها.المثل الشهير كما يظهر من محتواه يرتكز على فكرة وجود فريقين يتنافسان على الهدف نفسه، ويتساويان فى درجة الظلم التى يريدان بها تحقيق الهدف. ومن عجب أن تجد الفكرة التى يتأسس عليها المثل تعد إحدى خلاصات العصر المملوكى أيضاً، ومن خلالها أعاد المماليك إنتاج أنفسهم داخل المشهد السياسى بعد دخول العثمانيين مصر.المسألة بدأت بلعبة لعبها سليم الأول على المماليك بعد أن دخل مصر، حين أتى بشابين من أبناء أحد أمراء المماليك، وهو الأمير «سودون الجركسى»، وقرر أن يعقد بينهما مباريات يتنافسان فيها على ركوب الخيل والعدو والدوران بها، وإلقاء الرماح، واللعب بالسيوف من فوقها، ومن يثبت أنه أكفأ من الآخر يفوز بجائزة سلطانية. خلبت الفرجة عقل المصريين، فانقلبوا بين عشية وضحاها إلى فريقين، أحدهما يشجع الشاب الأول: الأمير ذوالفقار، والآخر يشجع الشاب الثانى: قاسم الكرار. ويتميز أنصار كل أمير -من المماليك- بزى بلون معين، فالأبيض لون «الفقارية» والأحمر لون «القاسمية»، والجمهور يأكل بعضه بعضاً بسبب الانحياز لهذا اللون أو ذاك.المنافسة الرياضية بين المماليك الفقارية من جهة والمماليك القاسمية من جهة أخرى تحولت إلى صراع سياسى عنيف، فى فترة يصعد الفقارية فينتقمون من القاسمية، وفى أخرى يحدث العكس فيركب القاسمية. لم يكن الجمهور من أولاد البلد يستفيد من هذا الفريق أو ذاك شيئاً، فكلاهما كانا يمارسان مع الأهالى بنفس الدرجة من الظلم، لذا فقد وجدوا أنفسهم يرددون «ربنا بيسلط أبدان على أبدان»، وهم يشاهدون انتقام كل فريق من الآخر حين يظهر عليه.ظلت أبدان المماليك مسلطة على بعضها البعض على مدار ما يقرب من ثلاثة قرون حتى وصل بنا قطار التاريخ إلى عصر التنافس بين مراد بك وإبراهيم بك أيام الحملة الفرنسية، ثم التنافس بعد خروج الحملة بين محمد بك الألفى وعثمان بك البرديسى. طيلة هذه القرون ظلت إسطنبول تستنزف الثروة العقلية والحرفية للمصريين عن طريق نقل أرباب الكثير من الصنائع من مصر إلى الأستانة ما أدى، كما يذهب الجبرتى، إلى فقد مصر أكثر من 50 صناعة. وفى الوقت نفسه غرق العقل العام فى الانقسام ما بين «الأحمر والأبيض»، وعندما يعانى الظلم يتوجه إلى ربه بالدعاء بأن يسلط الظالمين على الظالمين، دون أن يدرك أنه جزء لا يتجزأ من معادلة الظلم!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ربنا بيسلط أبدان على أبدان ربنا بيسلط أبدان على أبدان



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية

GMT 22:47 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

مبابي يغيب عن نادي سان جيرمان حتى الكلاسيكو

GMT 21:12 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الزمالك يحصل على توقيع لاعب دجلة محمد شريف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon