توقيت القاهرة المحلي 07:53:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ربنا بيسلط أبدان على أبدان

  مصر اليوم -

ربنا بيسلط أبدان على أبدان

بقلم: د. محمود خليل

مثل مصرى شائع يقول «ربنا بيسلط أبدان على أبدان». وهو لا يعنى بحال أن الناس تتحدث بلسان الخالق العظيم، بل ينقلون من خلاله وعيهم بتجارب الواقع ومشاهدات الحياة التى تدلل فى كل لحظة على أن الله تعالى ينتقم من الظالمين بالظالمين. يقول الله تعالى: «وَكَذَلِكَ نُوَلِّى بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ». والمعنى واضح فى الآية الكريمة فالخالق يسلط الظالمين على الظالمين ليأكل بعضهم بعضاً، وبالتالى يعاقب منظومة الظلم بأكملها.المثل الشهير كما يظهر من محتواه يرتكز على فكرة وجود فريقين يتنافسان على الهدف نفسه، ويتساويان فى درجة الظلم التى يريدان بها تحقيق الهدف. ومن عجب أن تجد الفكرة التى يتأسس عليها المثل تعد إحدى خلاصات العصر المملوكى أيضاً، ومن خلالها أعاد المماليك إنتاج أنفسهم داخل المشهد السياسى بعد دخول العثمانيين مصر.المسألة بدأت بلعبة لعبها سليم الأول على المماليك بعد أن دخل مصر، حين أتى بشابين من أبناء أحد أمراء المماليك، وهو الأمير «سودون الجركسى»، وقرر أن يعقد بينهما مباريات يتنافسان فيها على ركوب الخيل والعدو والدوران بها، وإلقاء الرماح، واللعب بالسيوف من فوقها، ومن يثبت أنه أكفأ من الآخر يفوز بجائزة سلطانية. خلبت الفرجة عقل المصريين، فانقلبوا بين عشية وضحاها إلى فريقين، أحدهما يشجع الشاب الأول: الأمير ذوالفقار، والآخر يشجع الشاب الثانى: قاسم الكرار. ويتميز أنصار كل أمير -من المماليك- بزى بلون معين، فالأبيض لون «الفقارية» والأحمر لون «القاسمية»، والجمهور يأكل بعضه بعضاً بسبب الانحياز لهذا اللون أو ذاك.المنافسة الرياضية بين المماليك الفقارية من جهة والمماليك القاسمية من جهة أخرى تحولت إلى صراع سياسى عنيف، فى فترة يصعد الفقارية فينتقمون من القاسمية، وفى أخرى يحدث العكس فيركب القاسمية. لم يكن الجمهور من أولاد البلد يستفيد من هذا الفريق أو ذاك شيئاً، فكلاهما كانا يمارسان مع الأهالى بنفس الدرجة من الظلم، لذا فقد وجدوا أنفسهم يرددون «ربنا بيسلط أبدان على أبدان»، وهم يشاهدون انتقام كل فريق من الآخر حين يظهر عليه.ظلت أبدان المماليك مسلطة على بعضها البعض على مدار ما يقرب من ثلاثة قرون حتى وصل بنا قطار التاريخ إلى عصر التنافس بين مراد بك وإبراهيم بك أيام الحملة الفرنسية، ثم التنافس بعد خروج الحملة بين محمد بك الألفى وعثمان بك البرديسى. طيلة هذه القرون ظلت إسطنبول تستنزف الثروة العقلية والحرفية للمصريين عن طريق نقل أرباب الكثير من الصنائع من مصر إلى الأستانة ما أدى، كما يذهب الجبرتى، إلى فقد مصر أكثر من 50 صناعة. وفى الوقت نفسه غرق العقل العام فى الانقسام ما بين «الأحمر والأبيض»، وعندما يعانى الظلم يتوجه إلى ربه بالدعاء بأن يسلط الظالمين على الظالمين، دون أن يدرك أنه جزء لا يتجزأ من معادلة الظلم!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ربنا بيسلط أبدان على أبدان ربنا بيسلط أبدان على أبدان



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:21 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

برشلونة يحتفل بذكرى تتويج ميسي بالكرة الذهبية عام 2010

GMT 11:32 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

دبي تهدي كريستيانو رونالدو رقم سيارة مميز

GMT 04:41 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الروسية تسمح بتغيير نظام اختبار لقاح "Sputnik V"

GMT 21:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

أول تعليق من نيمار بعد قرعة دوري أبطال أوروبا

GMT 06:29 2020 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

حمادة هلال يهنئ مصطفي قمر علي افتتاح مطعمه الجديد

GMT 07:23 2020 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الجمعة 16 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 14:35 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

سموحة يعلن سلبية مسحة كورونا استعدادًا لمواجهة المقاصة

GMT 01:05 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

الزمالك يقبل هدية الأهلي لتأمين الوصافة ويُطيح بحرس الحدود

GMT 15:44 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

سموحة يبحث عن مدافعين لتدعيم صفوفه في الميركاتو الصيفي

GMT 07:13 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الإثنين 12 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 06:34 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حفل عقد قران هنادى مهنا وأحمد خالد صالح

GMT 15:02 2020 الأربعاء ,30 أيلول / سبتمبر

خيتافي وفالنسيا يتقاسمان صدارة الدوري الإسباني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon