توقيت القاهرة المحلي 16:28:02 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ربنا بيسلط أبدان على أبدان

  مصر اليوم -

ربنا بيسلط أبدان على أبدان

بقلم: د. محمود خليل

مثل مصرى شائع يقول «ربنا بيسلط أبدان على أبدان». وهو لا يعنى بحال أن الناس تتحدث بلسان الخالق العظيم، بل ينقلون من خلاله وعيهم بتجارب الواقع ومشاهدات الحياة التى تدلل فى كل لحظة على أن الله تعالى ينتقم من الظالمين بالظالمين. يقول الله تعالى: «وَكَذَلِكَ نُوَلِّى بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ». والمعنى واضح فى الآية الكريمة فالخالق يسلط الظالمين على الظالمين ليأكل بعضهم بعضاً، وبالتالى يعاقب منظومة الظلم بأكملها.المثل الشهير كما يظهر من محتواه يرتكز على فكرة وجود فريقين يتنافسان على الهدف نفسه، ويتساويان فى درجة الظلم التى يريدان بها تحقيق الهدف. ومن عجب أن تجد الفكرة التى يتأسس عليها المثل تعد إحدى خلاصات العصر المملوكى أيضاً، ومن خلالها أعاد المماليك إنتاج أنفسهم داخل المشهد السياسى بعد دخول العثمانيين مصر.المسألة بدأت بلعبة لعبها سليم الأول على المماليك بعد أن دخل مصر، حين أتى بشابين من أبناء أحد أمراء المماليك، وهو الأمير «سودون الجركسى»، وقرر أن يعقد بينهما مباريات يتنافسان فيها على ركوب الخيل والعدو والدوران بها، وإلقاء الرماح، واللعب بالسيوف من فوقها، ومن يثبت أنه أكفأ من الآخر يفوز بجائزة سلطانية. خلبت الفرجة عقل المصريين، فانقلبوا بين عشية وضحاها إلى فريقين، أحدهما يشجع الشاب الأول: الأمير ذوالفقار، والآخر يشجع الشاب الثانى: قاسم الكرار. ويتميز أنصار كل أمير -من المماليك- بزى بلون معين، فالأبيض لون «الفقارية» والأحمر لون «القاسمية»، والجمهور يأكل بعضه بعضاً بسبب الانحياز لهذا اللون أو ذاك.المنافسة الرياضية بين المماليك الفقارية من جهة والمماليك القاسمية من جهة أخرى تحولت إلى صراع سياسى عنيف، فى فترة يصعد الفقارية فينتقمون من القاسمية، وفى أخرى يحدث العكس فيركب القاسمية. لم يكن الجمهور من أولاد البلد يستفيد من هذا الفريق أو ذاك شيئاً، فكلاهما كانا يمارسان مع الأهالى بنفس الدرجة من الظلم، لذا فقد وجدوا أنفسهم يرددون «ربنا بيسلط أبدان على أبدان»، وهم يشاهدون انتقام كل فريق من الآخر حين يظهر عليه.ظلت أبدان المماليك مسلطة على بعضها البعض على مدار ما يقرب من ثلاثة قرون حتى وصل بنا قطار التاريخ إلى عصر التنافس بين مراد بك وإبراهيم بك أيام الحملة الفرنسية، ثم التنافس بعد خروج الحملة بين محمد بك الألفى وعثمان بك البرديسى. طيلة هذه القرون ظلت إسطنبول تستنزف الثروة العقلية والحرفية للمصريين عن طريق نقل أرباب الكثير من الصنائع من مصر إلى الأستانة ما أدى، كما يذهب الجبرتى، إلى فقد مصر أكثر من 50 صناعة. وفى الوقت نفسه غرق العقل العام فى الانقسام ما بين «الأحمر والأبيض»، وعندما يعانى الظلم يتوجه إلى ربه بالدعاء بأن يسلط الظالمين على الظالمين، دون أن يدرك أنه جزء لا يتجزأ من معادلة الظلم!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ربنا بيسلط أبدان على أبدان ربنا بيسلط أبدان على أبدان



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 13:16 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon