توقيت القاهرة المحلي 07:20:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحجر الداير و«لطّه»

  مصر اليوم -

الحجر الداير و«لطّه»

بقلم :د. محمود خليل

مثل لطيف يردده المصريون «الحجر الداير لا بد عن لطّه»، ويقال بمناسبة وقوع الشخص فى مأزق، وهو الذى كان ينظر إلى نفسه على أنه أبعد ما يكون عن أن يناله الواقع بأى أذى، ويظن من حوله فيه ذلك أيضاً.

أيام الخديو إسماعيل ظهرت شخصية مثيرة للجدل بصورة خطيرة، هى شخصية «إسماعيل صديق» أو «إسماعيل المفتش» -كما لقبه معاصروه- وهو شقيق الخديو فى الرضاعة، وتولى بمجرد اعتلاء الخديو سدة الحكم مهمة التفتيش على الأقاليم البحرية، وبدأت مهامه فى التوسع بمرور الوقت، فأصبح فى مقدوره تعيين من يريد وعزل من يرغب فى جميع الأقاليم المصرية.

أصبح المفتش وزيراً للمالية، بالإضافة إلى إشرافه على العديد من النظارات الأخرى، مثل الداخلية، بات الرجل الأهم فى مصر بعد الخديو إسماعيل.

فى عهد وزارته للمالية زادت الديون على الخزينة الخديوية، وألقى الخديو بالمسئولية عليه، وقرر التخلُّص منه، وهو ما حدث بالفعل حين أركبه سفينة فى النيل مع عدد من حراسه، ليتم التخلُّص منه فى مياه النهر الخالد، بعد سنين قضاها حجراً صلداً صلباً لا يحلم أحد بلمسه، فما بالك بـ«لطّه»، وليصبح مثالاً لامعاً على المثل المصرى الشهير: «الحجر الداير لا بد عن لطه».

نماذج أخرى عديدة تجدها شاخصة فوق سطور التاريخ، وكذلك فى أحداث الماضى القريب، لشخصيات ظنت أنها بمنأى عن تحولات الزمان وتقلباته، لو تأملتها جيداً ستخلص إلى مجموعة من الخصال التى تجمع فيما بينها.

من هذه الخصال على سبيل المثال «الاغترار بالجاه والنفوذ». فالبعض يغره لمعان المنصب وأضواؤه ويمنحه إحساساً زائفاً بامتلاك السر الأعظم للقوة، يرى الصغار من حوله يسكبون عليه آيات التبجيل والتعظيم والتفخيم، دون أن يستوعب أن لسان الصغير دائب على إفراز عصارة النفاق بشكل آلى تلقائى. أمام ذلك يداخل الشخص إحساس وهمى بأنه امتلك أدوات القوة، دون أن يفطن إلى نسبية الأشياء فى هذه الحياة، ومن بينها ذلك الشىء الذى يطلقون عليه القوة.

السمة الأخرى لأصحاب شخصية الحجر الداير تتمثل فى القدرة على الكذب على الذات وتصديق أكاذيب الآخرين، فالكذب على الذات سمة الشخص الذى يريد أن يقنع نفسه أنه الأكفأ والأقدر، وأن من يلوم عليه هذا الأمر أو ذاك إما جاهل أو حاقد أو موتور، فيصم سمعه عمن ينصح له، ويعطى أذنه لمن احترفوا إنتاج الأكاذيب، أو إسماعه ما يريد سماعه من كلمات.

الخصلة الثالثة لهذا النوع من الشخصيات تتمثل فى «طول الأمل»، فعندما يطول الأمد بإنسان فى موقع معين تزداد حبال العشم فى الاستمرار استطالة.

الزمن إلى تحوّل، والظروف إلى تغيّر، وعلى الشخص أن يستوعب أن كل بدء وله ختام، ولكل بداية نهاية، وما أروع الحكمة فى قول المصريين: «قال يا مستكتر الزمن أكتر».

الزمن قادر على هزيمة الجميع.. والعاقل من يفهم أنه ذرة سابحة فى فلك، وعندما تستوفى دورتها تخرج عن المدار لتغرق فى بحار المجهول.. وسبحان من له الدوام.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحجر الداير و«لطّه» الحجر الداير و«لطّه»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon