توقيت القاهرة المحلي 06:46:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قعدات المصريين الخاصة

  مصر اليوم -

قعدات المصريين الخاصة

بقلم :د. محمود خليل

رغم ما أفرزته التكنولوجيا من تحولات محسوسة فى الحياة الاجتماعية للمصريين، فإن «القعدات الخاصة» لم تزل إحدى الأدوات التى تعتمد عليها الغالبية فى التواصل الدافئ، وبث الهموم، والتنفيس عن النفس.

قد يقول قائل إن حدوتة «القعدات الخاصة» منحصرة فى جيل الكبار، وإن الأجيال الجديدة تميل إلى التواصل الافتراضى بالدرجة الأكبر، وإن الشيطان الصغير الذى يطلقون عليه الموبايل أصبح الأداة التى يعتمدون عليها فى التجمع والتواصل.

لا نستطيع بحال إغفال دور أدوات التكنولوجيا، ليس لدى الأجيال الجديدة وفقط، بل بين أجيال الكبار أيضاً، فقد وفّرت أداة للتواصل الدائم غير المحكوم بمكان أو زمان، لكن بالنسبة لكل الأجيال لم تزل القعدات الخاصة والتواصل الإنسانى الدافئ ممارسة اجتماعية مهمة، يحرص عليها كل من يستطيع الاندماج فيها.

قعدات الكبار الخاصة مدارها بث الهموم، وتبادل الشكوى من الأولاد، واجترار الذكريات، واستدعاء صور الماضى الجميل، الذى يكتسب جماله من كونه عبر وفات، فالعابر والفائت جميل لأنه لن يعود ثانية، أما القائم والمعاصر فشره مستطير لأنه لم يزل يكبس على الأنفاس، بالإضافة -بالطبع- إلى تبادل الحديث عن الأمراض والأدوية، وأحياناً ما يتطرق إلى الأوضاع العامة، لكنه سرعان ما يعود إلى مربع «الفضفضة الشخصية».

قعدات الشباب أيضاً لها أجندتها، وغالباً ما تسيطر عليها الأحاديث عن الصاحب والصاحبة، وبث المشكلات الأسرية الناتجة عن خلافات بين الآباء والأمهات، وتحظى أحلام الشراء بحضور واضح فيها، خصوصاً شراء الموبايلات واللبس والأكل والشرب وخلافه، أحياناً ما تظهر الأمور الدراسية وطموحات المستقبل على أجندة قعدات الصغار، لكن الملاحظ أنها لا تحظى من جانبهم باهتمام كبير.

على مستوى نبرة الحوار، يغلب الصخب على قعدات الكبار، فلم يعد شىء يهم، والتعب يدفع بصاحبه إلى رفع الصوت، لأن الحنجرة باتت الأداة الوحيدة القادرة على العمل بكامل قوتها، أما بقية أعضاء الجسم فتضعضعت.

أسلوب الحوار فى قعدات الشباب يتراوح بين الصخب والهمس، فأحياناً ما تعلو الأصوات حتى تغالب بعضها البعض خصوصاً فى المواقف المضحكة، وأحياناً ما يغلب عليه الهمس عند تناول العلاقات العاطفية، أو المشكلات الأسرية، لأن الجيل الجديد لم يزل يحتفظ بنفس تصور الجيل القديم حول هذه الأمور ويعتبرها «عورة» تستوجب الهمس عند ذكرها.

الضحكة حاضرة فى قعدات الكبار والصغار. ويغلب عليها فى قعدات الكبار الضحك البائس، وهو نوع من الضحك يستجلبه الفرد من داخله استجلاباً، وأساسه السخرية من الذات أو السخرية من رفقاء القعدة، أما قعدات الصغار فيسيطر عليها الضحك الفارغ، لسبب ولغير سبب، فالضحك بالنسبة للصغار أحياناً ما يكون مطلوباً لذاته، وموضوع الضحك لدى الصغار يكون على الذات أو على أحد رفقاء القعدة فى حدود ضيقة، أما أغلبه فيتعلق بأشخاص من خارج القعدة.

ويبقى أن القاسم المشترك الأعظم ما بين قعدات الكبار وقعدات الصغار هو التجهم المفاجئ الذى يغلب على الوجوه بغتة، لتختفى الضحكة، ويسكت الكلام، وترتسم أمارات الحزن الدفين على الوجه، وتغيب الضحكة.. تُرى لماذا؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قعدات المصريين الخاصة قعدات المصريين الخاصة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين
  مصر اليوم - مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 22:23 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس جونيور أفضل لاعب في العالم لعام 2024
  مصر اليوم - فينيسيوس جونيور أفضل لاعب في العالم لعام 2024

GMT 08:48 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها
  مصر اليوم - دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها

GMT 09:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
  مصر اليوم - نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:21 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلاق إعلان الرياض لذكاء اصطناعي مؤثر لخير البشرية
  مصر اليوم - إطلاق إعلان الرياض لذكاء اصطناعي مؤثر لخير البشرية

GMT 23:09 2019 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

بورصة دبي تغلق دون تغيير يذكر عند مستوى 2640 نقطة

GMT 21:08 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

باريس سان جيرمان يستهدف صفقة من يوفنتوس

GMT 14:28 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير المصري تدعم إستمرار ميمي عبد الرازق كمدير فني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon