توقيت القاهرة المحلي 21:02:43 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التدين الشعبى

  مصر اليوم -

التدين الشعبى

بقلم :د. محمود خليل

استكشاف مفهوم التدين وموقعية الدين على خريطة تفكير الأفراد العاديين يعد أولى الخطوات الواجب السير فيها عند التخطيط لتجديد الفكر الدينى للمجموع.

وبمراجعة عدد من الدراسات وكذا طبقاً لنتائج دراسة أجريناها بكلية الإعلام استهدفت الوقوف على تركيبة العقل الدينى الشعبى وسماته نستطيع القول بأن مفهوم التدين على المستوى الشعبى يتسم بقدر واضح من العملية، يخرج بفكرة التدين من المفهوم الضيق الذى يعنى اعتناق الإنسان لتعاليم ديانة، إلى مفهوم أوسع وأشمل يتأسس على النظر إلى التدين كحالة تطبيقية لمبادئ الدين والاقتداء بتعاليمه فى الحياة العامة.

كما يعد التدين -طبقاً للعقل الدينى الشعبى- ممارسة فردية تتم فى سياق اجتماعى له ظروفه، دافعها حاجة عميقة لدى الفرد لتلبية الواجب الدينى الموروث، ولا يميل التدين الشعبى إلى أى نوع من المعارضة، ويتقيد ولو ظاهرياً بالولاء للتقاليد الدينية التى ارتضاها المجتمع دون البحث عن شرعيتها ومناقشة أسسها.

ويعنى ذلك أن العقل الدينى الشعبى يؤمن أن التدين يقوم على مرتكزين، أولهما «النظرة العملية إلى مسألة التدين» وثانيهما «النظرة إلى التدين كعملية فردية تتم داخل مجموع».

فالعقل الشعبى يشدد على أن التدين يعبر عن مجموعة من القناعات الراسخة لدى الفرد لا بد أن تنعكس على سلوكياته وأدائه مع الآخرين ويرفض معيار «المظاهر» كأساس للحكم على تدين غيره. على سبيل المثال يرى العقل الدينى الشعبى أن الحجاب والنقاب، أو اللحية والجلباب ليسا دليلاً دامغاً على التدين، خاصة أن بعض مرتديه - بحسب تعبيرات بعض الأفراد- لا يلتزمون بتطبيق تعاليم الدين الإسلامى، وهو ما يكشف عن أن مفهوم التدين الحقيقى لدى العقل الشعبى لا يرتبط فى جوهره بجوانب مظهرية.

والإيمان فى الوجدان الشعبى هو شكل من أشكال الاعتقاد البسيط الذى لا يدخل فى كثير من التفاصيل المقلقة أو العارضة للأفكار على ميزان العقل أو النقل، وهو إيمان تسليمى لا يخوض فى المشكلات الكلامية، ويكتفى بالتطبيق والممارسة.

ويعتبر العقل الشعبى الإيمان «مسألة فردية»، فى استلهام واضح للعديد من الآيات القرآنية التى تشير إلى «فردية الحساب». من ذلك على سبيل المثال قوله تعالى: «وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً»، وقوله: «وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا»، وقوله: «كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ».

هذا المفهوم الفردى للإيمان وللحساب على الدور الذى لعبه الإيمان فى سلوكيات الفرد فى الحياة، يجعل كل من يعلى الجماعة على الفرد المسلم جديراً بمراجعة أفكاره. ولو أنه قلب فى صفحات التاريخ الإسلامى لأدرك أن أصل الكثير من الفتن والعديد من الصراعات الدموية التى أوجعت المسلمين مردها هذه الفكرة العجيبة، فكرة «الجماعة الاستثنائية» أو «الفئة الممتازة» من المسلمين.

الرؤية الفردية للإيمان والحساب تعكس نظرة العقل الدينى الشعبى (غير المسيس) إلى الدين كأداة للتعايش مع أفراد المجموع الذى ينتمى إليه الفرد، وكأداة لبناء علاقات هادئة ومستقرة بين المجموعات المختلفة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التدين الشعبى التدين الشعبى



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon