توقيت القاهرة المحلي 14:58:48 آخر تحديث
الأحد 12 كانون الثاني / يناير 2025
  مصر اليوم -
أخبار عاجلة

التدين الشعبى

  مصر اليوم -

التدين الشعبى

بقلم :د. محمود خليل

استكشاف مفهوم التدين وموقعية الدين على خريطة تفكير الأفراد العاديين يعد أولى الخطوات الواجب السير فيها عند التخطيط لتجديد الفكر الدينى للمجموع.

وبمراجعة عدد من الدراسات وكذا طبقاً لنتائج دراسة أجريناها بكلية الإعلام استهدفت الوقوف على تركيبة العقل الدينى الشعبى وسماته نستطيع القول بأن مفهوم التدين على المستوى الشعبى يتسم بقدر واضح من العملية، يخرج بفكرة التدين من المفهوم الضيق الذى يعنى اعتناق الإنسان لتعاليم ديانة، إلى مفهوم أوسع وأشمل يتأسس على النظر إلى التدين كحالة تطبيقية لمبادئ الدين والاقتداء بتعاليمه فى الحياة العامة.

كما يعد التدين -طبقاً للعقل الدينى الشعبى- ممارسة فردية تتم فى سياق اجتماعى له ظروفه، دافعها حاجة عميقة لدى الفرد لتلبية الواجب الدينى الموروث، ولا يميل التدين الشعبى إلى أى نوع من المعارضة، ويتقيد ولو ظاهرياً بالولاء للتقاليد الدينية التى ارتضاها المجتمع دون البحث عن شرعيتها ومناقشة أسسها.

ويعنى ذلك أن العقل الدينى الشعبى يؤمن أن التدين يقوم على مرتكزين، أولهما «النظرة العملية إلى مسألة التدين» وثانيهما «النظرة إلى التدين كعملية فردية تتم داخل مجموع».

فالعقل الشعبى يشدد على أن التدين يعبر عن مجموعة من القناعات الراسخة لدى الفرد لا بد أن تنعكس على سلوكياته وأدائه مع الآخرين ويرفض معيار «المظاهر» كأساس للحكم على تدين غيره. على سبيل المثال يرى العقل الدينى الشعبى أن الحجاب والنقاب، أو اللحية والجلباب ليسا دليلاً دامغاً على التدين، خاصة أن بعض مرتديه - بحسب تعبيرات بعض الأفراد- لا يلتزمون بتطبيق تعاليم الدين الإسلامى، وهو ما يكشف عن أن مفهوم التدين الحقيقى لدى العقل الشعبى لا يرتبط فى جوهره بجوانب مظهرية.

والإيمان فى الوجدان الشعبى هو شكل من أشكال الاعتقاد البسيط الذى لا يدخل فى كثير من التفاصيل المقلقة أو العارضة للأفكار على ميزان العقل أو النقل، وهو إيمان تسليمى لا يخوض فى المشكلات الكلامية، ويكتفى بالتطبيق والممارسة.

ويعتبر العقل الشعبى الإيمان «مسألة فردية»، فى استلهام واضح للعديد من الآيات القرآنية التى تشير إلى «فردية الحساب». من ذلك على سبيل المثال قوله تعالى: «وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً»، وقوله: «وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا»، وقوله: «كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ».

هذا المفهوم الفردى للإيمان وللحساب على الدور الذى لعبه الإيمان فى سلوكيات الفرد فى الحياة، يجعل كل من يعلى الجماعة على الفرد المسلم جديراً بمراجعة أفكاره. ولو أنه قلب فى صفحات التاريخ الإسلامى لأدرك أن أصل الكثير من الفتن والعديد من الصراعات الدموية التى أوجعت المسلمين مردها هذه الفكرة العجيبة، فكرة «الجماعة الاستثنائية» أو «الفئة الممتازة» من المسلمين.

الرؤية الفردية للإيمان والحساب تعكس نظرة العقل الدينى الشعبى (غير المسيس) إلى الدين كأداة للتعايش مع أفراد المجموع الذى ينتمى إليه الفرد، وكأداة لبناء علاقات هادئة ومستقرة بين المجموعات المختلفة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التدين الشعبى التدين الشعبى



GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

أيقونة الموضة سميرة سعيد تتحدى الزمن بأسلوب شبابي معاصر

الرباط ـ مصر اليوم

GMT 08:41 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
  مصر اليوم - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 08:54 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أبرز العيوب والمميزات لشراء الأثاث المستعمل
  مصر اليوم - أبرز العيوب والمميزات لشراء الأثاث المستعمل

GMT 22:20 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 13:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 14:38 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

زيت زيتون يساعد على تقوية الشعر ونموه

GMT 20:46 2021 الأربعاء ,19 أيار / مايو

هايدي كرم تخطف أنظار متابعيها من أحدث ظهور

GMT 12:53 2021 الأحد ,17 كانون الثاني / يناير

تغييرات جديدة في تشكيل الأهلي أمام البنك الأهلي الأحد

GMT 08:46 2020 الأحد ,27 كانون الأول / ديسمبر

كأس السوبر طوق النجاة لـ هازارد داخل ريال مدريد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon