توقيت القاهرة المحلي 17:00:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سحائب الدخان

  مصر اليوم -

سحائب الدخان

بقلم: د. محمود خليل

حدثتك عن القهوة والفتنة التي ارتبطت بها بعد أن اختلفت فتاوى المشايخ حول حلها أو حرمتها، وكيف أن الجدل تم حسمه لصالح إباحة هذا المشروب الذي اصبح جزءاً من حياة المصريين، ثم ظهر "التبغ" فعشقه الكثيرون، وأصبح تدخين الشُبك من العادات الأساسية لدى الكثيرين، وكان ذلك أوائل القرن السابع عشر الميلادي.

اختلفت وجهات نظر المشايخ حول تدخين "الشُبك" كما اختلفت حول القهوة، وقد كتب أحد الولاة في ذلك الوقت فرماناً بتحريم التدخين، وكان يحكم على من يتم القبض عليه وهو يدخن أن يلتهم حجر الشبك ومحتوياته المتلهبة، ورغم ذلك لم يتوقف الناس عن التدخين، ثم ظهرت أنواع جديدة من الكيوف التي كان الجدل محسوماً حول تحريمها، وشملت المخدرات بأنواعها، وبقي البن والتبغ متربعين على عرش الكيوف المقبولة لدى غالبية المصريين.

الشبك -بضم الشين- هو أقدم وسيلة تدخين، وقد عرفها المصريون، بعد دخول الترك إلى مصر، وهو أشبه بالغليون أو "البايب"، وإن تميز الشبك بقصبته الطويلة التي كانت تُصنع من الغاب، وقد تطورت أساليب التدخين بعد ذلك، فانتشرت الجوزة والشيشة (النارجيلة)، سواء داخل المقاهي أو في البيوت.

أما السجائر فقد عرفها المصريون خلال الحملة الفرنسية على مصر (1798- 1801). واعتمدوا في البداية على "السجاير اللف"، ثم ظهرت السجائر المصنعة -بماركات مختلفة- والمعبأة في علب (محلي ومستورد).تذكر الأجيال التي عاصرت حقبتي الستينات والسبعينات أن "السجاير اللف" كانت شائعة في مصر إلى جوار السجائر الجاهزة، وقد انتشرت بدرجة أكبر خلال فترة السبعينات، حين شحت السجائر المصنعة، واضطر البعض إلى الاعتماد على "الدخاخني" في شراء التبغ وورق البفرة ولف السجاير، مثلما اعتمد الأجداد على "الشبكشي" أيام تدخين "الشبك".

المصري بطبيعته لا يستطيع أن يستغني عن "كيفه" أو "مزاجه"، وهو ليس بدعاً من البشر في ذلك. فكل شعب وله كيفه الذي لا يستطيع الابتعاد عنه.

وقد كان المدخنون من بني هذا الشعب يقفون طوابير في السبعينات للحصول على علبة سجائر "سوبر"، ومن لا يستطيع كان يلجأ إلى لف التبغ. أيامها كانت مصر في حالة حرب، خرجت مكسورة من نكسة 1967، وخاضت بعدها معارك استزاف العدو، ثم بدأت تستعد لحرب أكتوبر، وبالتالي كان أمر اختفاء بعض السلع، ومن ضمنها السجائر، مبرراً ومنطقياً.

في غير هذه الحال يشعر المصري بالضجر حين يغيب عنه "كيفه المفضل" الذي يعتدل به "مزاجه"، ويزداد ضجره حين يدفع فيه أكثر من ثمنه الطبيعي، لكنه يدفع مضطراً، لأن عدم وجود "الكيف" يعد المصدر الأكبر والأخطر لعكننة مزاج المصريين.

لذا فقد حرصت الحكومات المتعاقبة منذ العصر العثماني/ المملوكي، ومصر العلوية، ومصر ثورة يوليو، على جعل القهوة والسجائر في متناول الجميع، من منطلق وعيها بأن المصري لا يكدره شىء قدر "تعكير مزاجه" أو حرمانه من الاسترخاء مع فنجان القهوة الذي تظلله سحائب الدخان.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سحائب الدخان سحائب الدخان



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:09 2024 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

مميزات كثيرة لسيراميك الأرضيات في المنزل المعاصر

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

بوجاتي تشيرون الخارقة في مواجهة مع مكوك فضاء

GMT 05:50 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

تسلا تنشر صور للشاحنة سايبرتراك باختبار الشتاء

GMT 13:06 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي عضو لجنة تحكيم الأفلام الطويلة بمهرجان الجونة

GMT 20:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

رسميًا إيهاب جلال مديرًا فنيا لنادي بيراميدز
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon