توقيت القاهرة المحلي 18:25:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حادثة «كفر الزيات»

  مصر اليوم -

حادثة «كفر الزيات»

بقلم: د. محمود خليل

هل يمكن أن يضار شخص بموقعه؟ ممكن بالطبع. فالموقع المتميز يثير الحسد لدى الآخرين. لا يظهر الحسد ما بين البشر الذين يجمعهم مجال عمل أو أي مجال مشترك آخر وفقط، بل قد يحدث بين الأشقاء، مثلما حدث بين نبي الله يوسف واخوته.

فالأخ الأكبر قد يحسد الأصغر على موقعه من أبيه، والعكس، والبنت قد تحسد شقيقها الأكثر حظوة عند أبيه أو أمه والعكس، والفقير قد يحسد الغني، والشقيق الذي يحظى بأبناء غير نابهين قد يحسد شقيقه الذي حباه الله بأبناء ناجحين وهكذا.

وقد يتعدى الأمر ما بين الأشقاء الأمور السابقة إلى ما هو أخطر وأشد دفعاً إلى الحسد، والحسد هنا لا يتوقف عند نظرة أو كلمة تعبر عنه، بل يترجم إلى أفعال غامضة كل الغموض، تماماً مثلما حدث بين البرنس أحمد رفعت والبرنس اسماعيل أولاد ابراهيم باشا بن محمد علي.

تعلم أن الخديوي اسماعيل تولى الحكم بعد وفاة الوالي سعيد، لكن من غير المشهور أن اسماعيل لم يكن ولي العهد، بعد سعيد، بل شقيقه الأكبر البرنس أحمد رفعت، وكان يفترض أن يكون خديوي مصر بعد سعيد، لكن حادثة مدوية شهدها بر مصر حالت دون ذلك، كان ذلك في رمضان عام 1274 هجرية (مايو 1858م).

اشتهر "سعيد" بإقامة الحفلات الكبرى والولائم العامرة في شهر رمضان، وقد جرت عادته على دعوة أمراء الأسرة العلوية لحضور هذه الاحتفاليات التي يقيمها بمناسبة الشهر الكريم.

وفي رمضان 1274ه نظم "سعيد" حفلاً كبيراً في الاسكندرية دعا الأمراء إليه، وعلى رأسهم ولي عهده الأمير أحمد رفعت، والأمير اسماعيل (أصغر أبناء ابراهيم باشا بن محمد علي)، وكذلك حليم باشا أصغر أبناء محمد علي.

ولبى "رفعت" و"حليم" الدعوة، أما "اسماعيل" فقد اعتذر عنها بسبب توعك مزاجه!.

صدّق الأميران كلام "اسماعيل" وامتطيا القطار الخاص إلى الاسكندرية لمشاركة الخديوي الاحتفال بليلة من ليالي الشهر المعظم.

وصل الأميران سالمين وعاشا لحظات سعيدة، ثم قررا الرحيل، فركبا القطار ليتخذ وجهته إلى القاهرة، ولكن وقعت واقعة عجيبة عند منطقة كفر الزيات، حيث فوجىء سائق القطار بأن الكوبري مفتوح للسماح بعبور السفن، وكان القطار يسير على سرعته المعتادة فلم يتمكن السائق من إيقافه ليسقط بالأميرين وحاشيتهما في النيل!.

نجا الأمير حليم من الحادث، وكان معروفاً عنه إجادة السباحة، في حين أفضى الأمير أحمد رفعت ولي عهد مصر إلى ربه غرقاً، بسبب عدم إجادته للعوم.

وآلت ولاية العهد من بعده إلى أخيه الأصغر الأمير إسماعيل، الحادثة كانت مثار أحاديث الناس فقد وقعت في كفر الزيات، وفوق صفحة النيل، ووصل صداها إلى الأهالي، وكان لسان حالهم يقول أن موتة الأمير "أحمد رفعت" لم تكن قدرية بل مخططة، وأن التخطيط تم بمعرفة الخديو سعيد، وربما أيضاً بعلم "اسماعيل" الذي كان لديه معلومة عن التدبير الذي يتم ضد أخيه الأكبر بدليل اعتذاره عن حضور حفل الاسكندرية.

يتحدث ميخائيل شاروبيم في كتابه "الكافي في تاريخ مصر" عن مصرع الأمير أحمد رفعت، ويشير إلى أن الناس تحدثوا أنه أغرق بأمر من "سعيد" حتى لا يتولى الحكم من بعده لأمر نقمه عليه، وأن "سعيد" أرسل إلى الأميرين اسماعيل ومصطفى فاضل (شقيقا أحمد رفعت) يطلب منهما عدم ركوب القطار الذي غرق فيه الأمير أحمد في النيل.

ويعني ذلك أن سعيد تمكن من إقناع "اسماعيل" بالمشاركة في مؤامرة قتل أخيه، وأن الأخير وافق على ذلك طمعاً في العرش. ولعلك تعلم أنه بعد وصول "اسماعيل" إلى سدة الولاية تآمر على كل نسل محمد علي، واستصدر فرماناً عثمانياً بجعل ولاية العرش من بعده في نسله.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حادثة «كفر الزيات» حادثة «كفر الزيات»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر

GMT 12:05 2020 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

فيفا عبر إنستجرام يبرز نجوم مصر محليا وقاريا

GMT 07:41 2020 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أسعار الفاكهة في مصر اليوم الخميس 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2020

GMT 01:42 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

بايرن ميونخ يعلن ضم موتينج ودوجلاس كوستا في أقل من نصف ساعة

GMT 22:56 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تسريب جديد للمُقاول الهارب محمد علي "يفضح" قطر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon