توقيت القاهرة المحلي 21:08:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حزب «وماله»

  مصر اليوم -

حزب «وماله»

بقلم: د. محمود خليل

لو عدت بذاكرتك عقدين إلى الوراء وتذكرت كيف كان يفكر الشباب الذين يستقبلون الحياة وقتها، فسوف تجد أن بعضهم تبنى بشكل واضح «نظرية الأرنب» وهو يتحدث عن أحلامه للمستقبل. فأحاديث بعض الشباب لم تكن تتوقف عن الرغبة فى وظيفة بمرتب خيالى، وسيارة أحدث موديل، وشقة تمليك، وموبايل أحدث ماركة، وشوية براندات. وإذا ضحكت فى وجه هذا البعض وقلت إن هذه الأحلام تستوجب أن يصنع ملايين الجنيهات؟ سيجاوبك قائلاً: ما الكل عايش كده.. وإذا تعجبت وقلت له إن من يستطيع أن يحقق هذه الأحلام فى قفزة أرنب لا يزيد عن كونه فاسداً أو وارثاً؟ فربما أجابك قائلاً: وماله!

اختلفت نظرة الجيل الذى تفتحت زهرة شبابه مع مطلع الألفية الجديدة إلى الفساد عن نظرة الأجيال السابقة. بعض شباب الألفينات اعتبر الفساد «شطارة» وأداة من أدوات النجاح فى الحياة، ومن نجح منهم فى لعبة التحقيق السريع سخر من أبناء جيله الذين لم يحققوا مثله الملايين، وتساءلوا: هل من سر غير الفشل يمكن أن يفسر عجز شاب عن تحقيق الملايين وهو على عتبة الثلاثين؟

الاتجاه الإيجابى من جانب شباب الألفينات نحو الفساد، ونظرتهم الواقعية له، واعتباره حالة عادية، اختلف جملة وتفصيلاً عن اتجاه وموقف غالبية أفراد الأجيال السابقة نحوه، فقد اعتبروا الفساد آفة قادرة على تسميم الواقع وتدميره.

ثمة عامل أول جعل قطاعاً لا بأس به من شباب الألفينات يعتبر «الفساد أصل الإنسان»، يتعلق بظروف النشأة والتربية. فهناك فارق كبير بين جيل نظر إلى الدروس الخصوصية كمعيرة، وجيل اعتبرها الحالة الطبيعية للتعليم، وجيل نظر إلى الغش فى الامتحانات كسقطة أخلاقية لا تُغتفر، وجيل اعتبر الغش شطارة، جيل كان يستخفى حينما يفسد ويخبئ أموال فساده تحت البلاطة، وجيل يجلس آخر الليل فى أرقى الكافيهات ويتنافس فى الحكى عن فتوحاته فى الفساد والمغانم التى حصدها منه.

عامل آخر أسهم فى دعم النظرة الإيجابية للفساد لدى قطاع من شباب الألفينات، يتمثل فى اتساع قاعدة الفساد عند الانتقال من حقبة إلى حقبة، بدءاً من الستينات، حين كان الفساد محصوراً فى مساحة ضيقة تتصدر الهرم السكانى فى مصر، وفى السبعينات وما بعدها تسلل إلى القطاع الأوسط من الهرم فزادت مساحته، وفى التسعينات وما تلاها تمدد إلى قاعدة الهرم حتى بات حزبه الأكثر شعبية بين أهالى محروسة مصر المحمية.

تحول الفساد إلى أسلوب حياة لدى قطاع لا بأس به من أفراد أى مجتمع يؤدى إلى نتيجتين: الأولى تحول المرحبين بوجوده إلى آلات سحق لغيرهم. فمن يسكنه الفساد يريد أن يقفز ويطأ ويدوس كل ما يعوق رغباته فى الحياة، بغضّ النظر عن درجة موضوعيتها، يرفض أباه وأمه إذا لم يضعا بين يديه ما يريد، يأبى أن ترفض فتاة حبه، أو رغبته فى الزواج منها، فرغباته غير الموضوعية تجعله على استعداد لدهس العالم من حوله لتحقيق ما يريد فى أقصر وقت ممكن، ولا يعرف الصبر أو النمو الموضوعى المتأنى، لأن الكل كده.. الكل فاسد.. وماله لما أفسد أنا كمان.

حزب «وماله» حل محل حزب الـ«أنا مالى» فأحدث شرخاً خطيراً فى حياة المصريين.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حزب «وماله» حزب «وماله»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 09:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
  مصر اليوم - اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:57 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يصبح أول رئيس أميركي يبلغ 82 عاماً وهو في السلطة

GMT 02:39 2019 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

رانيا محمود ياسين توضح قطع علاقتها بالبرامج التليفزيونية

GMT 09:28 2021 الأربعاء ,11 آب / أغسطس

المصري يعلن انتقال أحمد جمعة إلى إنبي

GMT 02:20 2019 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

إيمي سمير غانم تكشف عن خلاف حاد مع زوجها تحول إلى نوبة ضحك

GMT 12:25 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

طريقة عمل أصابع الجبنة بالثوم

GMT 11:17 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

محمد صلاح يتخذ أولى خطوات الرحيل عن ليفربول

GMT 02:40 2020 الثلاثاء ,23 حزيران / يونيو

تفاصيل إصابة ابن ماما سناء بفيروس "كورونا"

GMT 01:56 2020 الإثنين ,22 حزيران / يونيو

طريقة عمل البوريك التركي بأقل التكاليف

GMT 21:12 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

إليسا تروج لحفلها اليوم في بث مباشر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon