توقيت القاهرة المحلي 07:38:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

شقة فى «شارع فيصل»

  مصر اليوم -

شقة فى «شارع فيصل»

بقلم: د. محمود خليل

فى الماضى، اعتاد المصريون فكرة هجرة بعض الريفيين إلى القاهرة، والسكن على تخومها أو داخل الأحياء القديمة منها، لكن خلال فترة الثمانينات وما تلاها، ظهر نوع جديد من الهجرة العكسية بسبب أزمة السكن.

العديد من القرى المزروعة التابعة لمحافظة الجيزة شهدت زحفاً سكانياً يرتكز على فكرة تجريف الأرض الزراعية، وبناء العمارات والأبراج السكنية الشاهقة فوقها.

تجد نماذج لذلك فى قرى صفط اللبن، وكفر طهرمس، وكفر غطاطى، ومناطق فيصل والعمرانية، وغيرها.

زُرعت الأرض الممتدة فى هذه المناطق وغيرها بالأبراج، والشقق الفارهة، وأحياناً الفيلات، ونشأت حولها البيئات المعتادة للعمائر التى تضم شققاً صغيرة، وأحياناً غرفاً، وبيعت السلعة العقارية على حسب القيمة (الموقع والمساحة)، وضمت هذه المناطق الناشئة أفراداً من مستويات اقتصادية واجتماعية مختلفة، أو بعبارة أخرى قدمت مسرحاً لهجرة كافة الأطياف الحضرية إلى مناطق كانت فى الأصل ريفية قروية.

يمثل شارع فيصل مسرحاً تستطيع أن ترصد من خلاله بدايات عملية تقطيع الأوصال التى عاشها المصريون بدءاً من النصف الثانى من السبعينات، حين كان الشارع يمثل امتداداً زراعياً لشارع الهرم ويطل على ترعة، فرحلة الشارع بدأت بعد الحرب وانطلاق عملية السلام، لتحوله من بقعة خضراء ممتدة إلى واحد من أعقد شوارع الجيزة على مستوى الزحام.

ظل شارع فيصل حتى أوائل السبعينات بقعة خضراء تضم فيلات وقصور بعض باشوات وبهوات ما قبل يوليو 1952، ثم بدأ الزحف الأسمنتى عليه بإرادة سياسية، وجدت صدى لدى مُلاك الأراضى الزراعية هناك، صغاراً كانوا أم كباراً، فوضعوا أيديهم فى أيدى الحكومة لقتل الخضار وتحويله إلى سواد أسفلتى، انضمت إليه كل القرى القريبة، بدءاً من كفر طهرمس وانتهاء بكفر غطاطى.

حلم الحصول على «شقة فى فيصل» داعب الكثيرين ممن عادوا بمبالغ معقولة من العمل فى دول الخليج، تمكّنهم من شراء شقة تمليك، أو ادخروا مبلغاً يساعدهم على تأجير شقة بـ«الخلو»، وكل على حسب طاقته.

أعداد مهولة تدفقت على «فيصل» حتى ابتلعت كل شبر فيه، وشجع هذا الإقبال والتكاثر السكانى الكثير من أصحاب المشروعات والمحال التجارية والعيادات وخلافه على وضع أقدامهم فى الشارع، ومع كثرة الحركة والنشاط فيها بات محطة أساسية للميكروباصات والباصات، وتزاحمت به السيارات بسبب موقعه الحيوى كممر إلى العديد من المناطق المهمة بالجيزة والهرم وأكتوبر والرماية وغير ذلك، ثم دخلت التكاتك على الخط فأغرقته.

شوارع وحوارى أزقة مصر القديمة لم تكن عشوائية إلا فى مبانيها، لكنها كانت شديدة الانتظام فى ثقافتها التى وصفتها لك بـ«ثقافة الأكل فى طبق واحد»، تعددت فيها الصور الإنسانية يتعاطف فيها كل فرد مع المجموع الذى ينتمى إليه، أما الصورة التى تقدمها لنا تجربة «شارع فيصل» فمختلفة، وتقدم لك صورة للعشوائية الحقيقية التى لا ترتبط بعدم نظامية المبانى، فذلك أمر شكلى، ولكن عشوائية الأداء والسلوك الناتجة عن الخروج عن السيطرة.

لقد أصبح الشتات هو الحكم، فكل يسير فى الاتجاه الذى يريد، أو «عكس عكاس»، وفى هذه الحالة يكون من الوارد التصادم وتقطيع الأوصال، إلا من عصم الله، وقليلٌ مَن هم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شقة فى «شارع فيصل» شقة فى «شارع فيصل»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 02:08 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعقد اجتماعًا أمنيًا لبحث التطورات في سوريا
  مصر اليوم - نتنياهو يعقد اجتماعًا أمنيًا لبحث التطورات في سوريا

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 21:40 2019 الخميس ,26 أيلول / سبتمبر

هزة أرضية بقوة 6.5 درجات تضرب إندونيسيا

GMT 02:54 2019 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

خبراء يكشفون عن مخاطر تناول العجين الخام قبل خبزه

GMT 23:10 2019 الجمعة ,05 إبريل / نيسان

نادي برشلونة يتحرك لضم موهبة "بالميراس"

GMT 07:26 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

حسابات التصميم الداخلي الأفضل لعام 2019 عبر "إنستغرام"

GMT 06:56 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

أب يُصاب بالصدمة بعدما استيقظ ووجد ابنه متوفيًا بين ذراعيه

GMT 11:35 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تشيزني يبيًن ما دار مع رونالدو قبل ركلة الجزاء هيغواين

GMT 09:16 2018 الإثنين ,22 تشرين الأول / أكتوبر

زوجة المتهم بقتل طفليه "محمد وريان" في المنصورة تؤكد برائته

GMT 17:55 2018 الإثنين ,24 أيلول / سبتمبر

فستان ياسمين صبري يضع منى الشاذلي في موقف محرج
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon