توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لا بد من طمأنة «العقل الشعبى»

  مصر اليوم -

لا بد من طمأنة «العقل الشعبى»

بقلم :د. محمود خليل

العقل المنتج لأفكار تطوير أو تجديد الخطاب الدينى هو عقل نخبوى فى الأساس، بدأ الرحلة منذ ما يقرب من قرنين من الزمان، مع ظهور جهود الشيخين رفاعة الطهطاوى ومحمد عبده فى تجديد الفكر الدينى، وتراكمت جهود العقل النخبوى بعد ذلك بصورة أدت إلى بلورة مفهوم «التجديد» فى إطار مساحات ثلاث أساسية.

المساحة الأولى هى «الاجتهاد»، ويتحدد مفهوم الاجتهاد هنا فى تقديم قراءات جديدة لمفاهيم قديمة، مثل مفاهيم تعدد الزوجات، والطلاق، والربا، والشورى وغير ذلك، ويمتد الاجتهاد أيضاً إلى مساحة الفقه واستنباط الأحكام الشرعية بأخذ الواقع وتحولاته فى الاعتبار عند إصدار الأحكام الفقهية. والنتيجة الأساسية للاجتهاد هى تقديم فهم عصرى للإسلام فى ضوء ما يشهده الواقع من تحولات ثقافية واجتماعية وسياسية واقتصادية وتكنولوجية.

المساحة الثانية هى «التصحيح»، وينصرف التصحيح إلى المعانى المحرَّفة لبعض المفاهيم التى تجتهد الجماعات المتطرفة فى ترسيخها لدى العقل الشعبى من أجل تجييشه وراء أهدافها، مثل المعانى المحرَّفة لمفاهيم الجهاد والقتال فى الإسلام، والتعصب الدينى، وكذلك المفاهيم المتعلقة بالآخر الدينى.

المساحة الثالثة هى «الإحياء»، وتتفرَّع مساحة الإحياء لدى العقل المنتج لأفكار التجديد فى مسارين: المسار الأول هو مسار استعادة صور الماضى مع عصرنتها، والثانى هو إحياء التراث العقلانى المهمَّش فى الموروث الإسلامى، مثل تراث ابن رشد وتراث المعتزلة.

يبذل العقل المنتج لأفكار التجديد جهداً كبيراً، لكن ثمرة هذا الجهد لا تتناسب مع حجمه، إذا نظرنا إلى درجة تأثيره فى العقل الدينى الشعبى الذى ينادى المجددون بتطويره منذ قرنين من الزمن، ومع ذلك فما زال يعيش على أفكاره القديمة، ولا يستمع لأفكار التجديد إلا قليلاً، بسبب عدم قدرة المجددين على تبديد ارتيابه من دعوات التجديد، وتوضيح الأهداف المصالحية التى تكمن وراءها.

حل هذه الإشكالية يمكن أن يتم من خلال 3 مسارات، الأول هو مسار الطمأنة. فلابد من طمأنة العقل الشعبى إلى أن جهود التجديد تستهدف تطوير أنماط التدين وتصحيح بعض المفاهيم والفهوم الخاطئة لبعض الموروثات الدينية، وليس الهدف منه الطعن فى ثوابت الإسلام.

ويتعلق المسار الثانى بتوضيح أهداف المراجعة، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالسنة النبوية، وشرح أن أهداف مراجعة السنة تستهدف تحريرها من الأحاديث التى تتناقض مع معانى وأحكام القرآن الكريم وكذلك مع معطيات الواقع وأنها ستتم بشكل منضبط ومن خلال جهات مسئولة لن تفعل أكثر مما فعله البخارى عندما استبعد مئات الأحاديث من صحيحه تبعاً لمعايير محددة، بالإضافة إلى توضيح أن ثمة فارقاً بين قدسية النص القرآنى وبشرية التأويلات التى قدَّمها المفسرون، وأنه من الوارد أن يؤخذ منها ويُردّ لأنها فى النهاية اجتهادات بشرية.

المسار الثالث هو «الواقعية»، فجهود التجديد يجب أن تبدأ من فهم ووعى قائم على الدراسة المتأنية لأولويات القضايا والموضوعات التى يجب أن يشتمل عليها خطاب التجديد من وجهة نظر العقل الشعبى، وذلك فى ضوء ما يظهر من مفارقات بين أولويات الخطاب الدينى الحالى وأولويات العقل الدينى الشعبى.

الطمأنة ووضوح الأهداف والواقعية فى تحديد أجندة تطوير أو تجديد الخطاب الدينى هى العناصر الكفيلة بردم الفجوة بين منتج أفكار التجديد من ناحية والعقل الشعبى من ناحية أخرى.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا بد من طمأنة «العقل الشعبى» لا بد من طمأنة «العقل الشعبى»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
  مصر اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon