توقيت القاهرة المحلي 20:55:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أناشيد المحبة

  مصر اليوم -

أناشيد المحبة

بقلم - د. محمود خليل

كانت الفتاة الصديقة تنشد أناشيد المحبة لله وهي قائمة تصلي في المحراب، حين ألقت ملائكة الرحمن إليها برسالة: «وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين يا مريم اقتنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين».

عندما تصح العبادة تصبح السبيل الأقصر لارتقاء النفس وصفائها، وتساميها على صغائر الحياة، وكذلك كانت نفس الفتاة التي اصطفاها الخالق وطهرها واصطفاها على نساء العالمين راقية صافية، أخرجتها العبادة من غلالة الألم والحزن الذي أحاط بها منذ مولدها وهيأ لروحها الطاهرة طريقاً للعروج إلى السماء.

وبينما كانت الرقيقة الراقية منخرطة في القنوت والسجود والركوع، إذا بقلق داخلي يسيطر عى نفسها الآمنة السالمة، ومع تواصله قررت أن تأخذ ركناً وتعتزل من حولها، وانزوت عن الناس داخل معبدها: «واذكر في الكتاب مريم إذا انتبذت من أهلها مكاناً شرقيا».

وفي لحظة عزلة مع نفسها أظهر الله تعالى لها سر القلق الغامض الذي اعترى نفسها الطيبة، وإذا بها تسمع نداءاً عجيباً، لمحت بعده إنساناً يقف أمامها: «فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشراً سوياً»، خافت مريم عليها السلام، واستعاذت بربها منه: «قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا»، فهدأ رسول السماء من روعها، وأخبرها عن حقيقته، لكنه صعقها بخبر آخر: «قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكيا».

ارتجت «مريم» وهي تفكر فيما يحدث، وهي البتول الطاهرة التي لم يمسها بشر، كيف حدث هذا؟ وكيف ستواجه قومها به وماذا سيقولون عنها؟.

صارت الصديقة مريم، قطعة شاخصة من الألم، إلى حد أنها تمنت الموت: «قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياً»، هذه الآية تعلمك ألا تلوم إنساناً على فعل أو قول وأنت لست في مكانه.

لقد وقفت الصديقة أمام موقف شعرت فيه بمنتهى العجز، إن معجزة تسعى داخل أحشائها، وهي لا تملك طريقة لتشرح لمن حولها ما يحدث، إنها تنتظر المعونة من الله، ليتدخل بقدرته القادرة ويحل لغز المعجزة التي تنمو بداخلها بمعجزة أخرى تحدث خارجها فتشرح للناس ما حدث، قطعة من الألم كانت سيدتنا مريم عليها السلام داخل هذا الموقف.

فلك أن تتصور الألم النفسي الذي كانت تعانيه حين اختلط بألم الجسد وأوجاعه، لحظة أن باغتتها آلام المخاض أسفل جذع النخلة، ظلت الصديقة كذلك حتى جاءها صوت الطمأنينية، والله أعلم من أين؟.

هل جاء من ملاكها الحارس؟ أم من طفلها الذي نزل إلى الحياة: «فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً فكلي واشربي وقري عينا».

وكما جاءت المعجزة من السماء، فقد أتاها نداء الطمأنينة من السماء أيضاً، فهدأ من روعها، وتغذت على تمر النخلة المقدسة التي رقدت أسفل منها، وأنست إلى الصوت القدسي الذي يأتيها من السماء، أو يتدفق حانياً عبر حالة الأنس التي عاشتها حين أبصرت عيناها وليدها.

وما إن استطاعت السير، حتى قامت مسوقة بشجاعة نفسها المؤمنة بربها والواثقة في رعايته سبحانه وتعالى لها، فحملت الوليد وسارت نحو قومها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أناشيد المحبة أناشيد المحبة



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:31 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

التعادل السلبى يحسم مباراة تشيلسي وايفرتون

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان يصل إلى السعودية

GMT 11:41 2018 الثلاثاء ,17 تموز / يوليو

شيرين رضا تكشف سعادتها بنجاح "لدينا أقوال أخرى"

GMT 09:36 2018 الأحد ,01 تموز / يوليو

دراسة تنفي وجود "مهبل طبيعي" لدى النساء

GMT 10:26 2018 السبت ,07 إبريل / نيسان

" لفات الحجاب" الأمثل لصاحبات الوجه الطويل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon