توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الشغف و«سيدة القصر»

  مصر اليوم -

الشغف و«سيدة القصر»

بقلم - د. محمود خليل

تطرق القرآن الكريم إلى مسألة "الشغف"، وبيّن معناها ودورها كوقود يحرك الإنسان نحو الأشياء والأشخاص.. فالشغف يعني فرط الحب الذي يسوق الإنسان إلى صناعة الأعاجيب في سبيل ما أحب. ولو أنك تأملت الآية الكريمة التي وردت فيها كلمة الشغف في القرآن الكريم، فسوف تجد أنها تحمل هذا المعنى بامتياز.

يقول الله تعالى: "وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبا إنا لنراها في ضلال مبين".. لم يكن نبي الله يوسف أكثر من عبد من بين عبيد "العزيز"، وعبد أيضاً لامرأته سيدة قصر الحكم، يعمل في خدمتهما ويأتمر بأمرهما.

كانت امرأة العزيز تراقب "يوسف" عن بعد وتتابع سلوكه، وقفت منبهرة أمام رزانته، وحمكته في التعامل مع الأمور وإدراتها، وقدرته على الاستنتاج، واستشراف القادم. يتصور البعض أن كل ما لفت نظر سيدة القصر إلى "يوسف" هو جماله، وظني أنها لم تكن من التفاهة إلى هذا الحد، والقرآن الكريم لم يشر إلى جمال يوسف قدر ما أشار إلى عقله وحكمته، وقدرته على بناء سيناريوهات المستقبل، وإدارة المال والأعمال، بالإضافة إلى العبقرية في التعامل مع الأزمات.

ورغم ما يحمله وصف "ملك" الذي خلعه عليه نسوة المدينة من دلالة على الجمال، وهو الوصف الذي تحمله الآية الكريمة التي تقول: "فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم"، إلا أن المعنى الأعمق له يدل على الكمال، كمال الخلقة وكمال الخلق.

لقد أحبت امرأة العزيز نبي الله يوسف لأنه كان رجلاً مكتمل الرجولة، هيئة وعقلاً ووجداناً، وشغفت بهذا الحب، أي لامس قلبها، أو كما يقول المفسرون مس غلاف قلبها، ثم تسرب إلى داخله، فملك عليها أمرها، وساق السيدة الرزينة الجميلة -مكتملة الأنوثة أيضاً- إلى الإتيان بأفعال غير متوقعة، وصناعة الأعاجيب من أجل أن تصل إلى فتاها.

وقد وصل الأمر بها إلى حد مراودته عن نفسه، وهو العبد الذي يأتمر بأمرها، فامتنع عنها، وفر منها، وتمسك بأهداب إيمانه وخلقه الرفيع.ذلك ما يصنعه الشغف بالبشر، فوجوده يعني السعي والدأب في سبيل تحقيق الأهداف، دون أن يعبأ الإنسان بالأثمان التي يدفعها في مقابل ذلك، وذلك ما حدث بالضبط لامرأة العزيز، حين شغفها حب نبي الله يوسف، لقد ساقها إلى أفعال لم تكن تتصور في لحظة أن تأتيها.

وكان سلوكها نحوه محل تعجب من جانب سيدات المدينة، من علية القوم من أمثالها، ما دعاها إلى جمعهن في "عزومة" يتعرفن فيها على ذلك الذي شغفها حباً.

لقد كانت السيدة الحكيمة تدافع عن نفسها، وقد اختارت أن تثبت للنسوة بالتجربة العملية معنى الشغف وأثره في النفس، وكيف يمكن أن يسوقها إلى أفعال غير متوقعة، وقد وصل الأمر بالنسوة إلى حد تقطيع أيديهن من فرط حالة الانبهار التي عاشوها، حين رأين ذلك الذي وصفنه بالأمس بـ"عبد امرأة العزيز".

سوف يظل الشغف سراً كبيراً من أسرار الحياة، إن لم يمحنه لك الواقع، فأوجده في نفسك، واصنعه من داخلك، حتى تستطيع المواصلة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشغف و«سيدة القصر» الشغف و«سيدة القصر»



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon