توقيت القاهرة المحلي 18:25:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غدر الجركسي.. وذكرى الراحلين

  مصر اليوم -

غدر الجركسي وذكرى الراحلين

بقلم: د. محمود خليل

«أنت شارد يا آدم.. وأمك تريد مصلحتك.. الشباب في سنك متزوجون ولهم أطفال.. لا تكن عنيداً واسمع كلامها».. رن صوت الأب «سليم» في أذن «آدم الصغير»، دون أن يرى صورته.. ثم ظهرت له صورة جده آدم يقول له: «الإنسان ضعيف أمام وصية الراحلين عن الحياة.. تظل كلماتهم تدوي في الأذن التي سمعتها حتى تمسي واقعاً يمشي على قدمين».

تعب «مصطفى» من الأسفار بحثاً عن عظام أبيه، واستبدل ذلك بالجلوس أمام ماء النيل يناجيه ويسأله بحق من أجراه من السماء أن يدله.. باعدت السنون بينه وبين العام الذي توفي فيه أبوه «الترجمان».. كل عام كان يمر يزيد في يأسه واستسلامه.. حتى عمليات التأديب التي يقوم بها العربان ضد الترك والمماليك لم تعد تبهجه كما كان في السابق، عاد إلى البيت بعد واحدة من جلساته في «مناجاة النيل»، فوجىء بأمه وحولها بعض جاراتها.

بادرته إحداهن قائلة:

تعبت فجأة.. لكنها بخير الآن.. تنصرف الجارات ويجري مصطفى على أمه:

- مصطفى (بقلق): ماذا بك يا أمي؟.

- الشامية: الحمد لله على كل حال.. افتكاره رحمة.. اسمع يا مصطفى آن الأوان لتعود عما في رأسك.

- مصطفى: حاضر يا أمي.. ارتاحي.. لا تتحدثي.. فالكلام يتعبك.

- الشامية: لا أجد نفسي مرتاحة وأنا أتكلم كما أشعر الآن.. اترك العمل مع "العربان" واتق الله في نفسك وغيرك.

- مصطفى (بتردد): لكن يا أمي.. إنهم يؤدبون الترك والمماليك قتلة أبي.

- الشامية: قتلة أبيك ذهبوا إلى حال سبيلهم.. وأنت تساعد في قتل إنسان لم يرتكب في حقك جريرة.

- مصطفى: كل المماليك والترك ظلمة يا أمي.

- الشامية: العربان أيضاً يظلمون.

- مصطفى: يظلمون ظالمين.

- الشامية: ويظلمون أيضاً أبرياء.. يقطعون الطريق على الحجيج.. وينهبون أموال التجار.. صدقني يا ولدي كل من ينسى ربه يموت قلبه.. ومن يموت قلبه يظلم.. ويظلم نفسه يا ولدي أول ما يظلم.. استغفر ربك يا مصطفى.. استغفر ربك.

- مصطفى: أستغفر الله العظيم.

- الشامية: عدني يا مصطفى أن تفوض أمرك إلى الله.. وأن تتزوج.. عدني.

- مصطفى: أعدك.. أعدك يا أمي.

ماتت الأم الحانية على ولدها.. والمخلصة لزوجها حتى بعد أن رحل إلى الله.. عاشت تطوي القلب على حزنها.. وجعلت خصومة قلبها لمن غدروا بزوجها مع الله.. ليس سواه.

أخلص مصطفى لوصية أمه.. فتزوج من «عالية» ابنة أحد تجار «الأقمشة» الكبار.. وصفّى تجارة «البارود» وتحول إلى تجارة «التوابل»، وبرع فيها، وزاد رزقه.

كانت زوجته قريبة من نفسه فأفضى لها بحكاية أبيه وكيف مات غدراً فتعاطفت معه، ونصحته بأن ينسى فإن لم يستطع فليتناس.

تدفقت أيام حياة مصطفى الجديدة سعيدة رخية، لم يعد يهتم بأمر المماليك ولا الترك، مرة واحدة ثارت عليه الذكريات الحزينة، وكان ذلك أيام الثورة العرابية، حين استمع إلى ما يحكيه الأهالي عن ظلم عثمان رفقي الجركسي وتعصبه لبني جنسه من المماليك ضد الضباط المصريين.

تذكر غدر الجركسي عز الدين الألفي وتواطؤه مع سليمان باشا ضد أبيه.

كلما كان يسمع اسم عثمان رفقي الجركسي كان يردد أمام من حوله: «ذرية بعضها من بعض»، وفرح كثيراً يوم عزله، وفرح أكثر يوم تولى أحمد عرابي زعيم الفلاحين المصريين نظارة الجهادية.

أشياء كثيرة نساها مصطفى لحظة أن رأى ولده الأول «آدم»، أراد أن يسميه «حسن» لكن زوجته استأذنته في أن تسميه على اسم أبيها الذي رحل قبل شهرين من مجىء ولدها إلى الدنيا فاستجاب لها.. لم يكن بحاجة إلى من يذكره بما لا ينساه.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غدر الجركسي وذكرى الراحلين غدر الجركسي وذكرى الراحلين



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر

GMT 12:05 2020 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

فيفا عبر إنستجرام يبرز نجوم مصر محليا وقاريا

GMT 07:41 2020 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أسعار الفاكهة في مصر اليوم الخميس 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2020

GMT 01:42 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

بايرن ميونخ يعلن ضم موتينج ودوجلاس كوستا في أقل من نصف ساعة

GMT 22:56 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تسريب جديد للمُقاول الهارب محمد علي "يفضح" قطر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon