توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

علم الساعة

  مصر اليوم -

علم الساعة

بقلم :د. محمود خليل

يستند المتكلمون فى موضوع «آخر الزمان» إلى مجموعة من كتب التراث التى تتحدث عن علامات القيامة، أو عن بعض الأحداث التى تزعم أن الرسول صلى الله عليه وسلم تنبَّأ بوقوعها بعد رحيله، وأولها على سبيل المثال أحداث الفتنة الكبرى التى عصفت بالمسلمين منذ عصر عثمان رضى الله عنه، وما تلاها من تولِّى على بن أبى طالب -كرم الله وجهه- للخلافة ثم استشهاده، ثم تولى الحسن ووفاته بالسم، ثم تولى الحسين واستشهاده فى كربلاء، ثم ركوب بنى أمية للحكم منذ عصر معاوية وحتى زمن مروان بن محمد.

ولن نجد خيراً من القرآن ميزاناً لنزن به الأحاديث التى تتناول مسألة قيام النبى برسم خريطة الأحداث من بعده. وبداية لا بد أن نقرر أن القرآن الكريم نفى على لسان النبى أى معرفة له بالغيب، فقد جاء فى الكتاب: «قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِى نَفْعاً وَلَا ضَراً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِىَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ».

فمحمد صلى الله عليه وسلم لم يزعم لنفسه معرفة الغيب، وتجربته فى تبليغ رسالة ربه تشهد على أنه لم يعتمد على أية خوارق تتجاوز قوانين الطبيعة، فجوهر المعجزة فى رسالته هو عقلانيتها، وتناغم قيمها مع المنطق والذوق الإنسانى السليم.

وقد اختص الخالق نفسه بعلم الغيب. يقول تعالى: «وعِنده مفاتحُ الغيبِ لا يعلَمُها إلا هو».. كما اختص نفسه بعلم الساعة فيقول: «إن اللهَ عنده علمُ الساعةِ ويُنزلُ الغيثَ ويعلمُ ما فى الأرحامِ وما تدرى نفسٌ ماذا تكسبُ غداً وما تدرى نفسٌ بأىِّ أرضٍ تموت إن الله عليمٌ خبير».

وترتيباً على ما سبق يصح أن نقول إن يوتيوبرز «آخر الزمان» يبنون كلامهم على فرضية خاطئة، أساسها أن النبى كان يعلم الغيب، وبالتالى توقع أحداث الفتنة من بعده، والأحداث الأخرى التى ستضرب الأجيال التالية من المسلمين، وظهور شخصيات مختلفة على مسرح الأحداث الإسلامية مثل الأصهب والسفيانى والصحابى وغير ذلك، وكذلك الأحداث التى ستسبق ظهور المهدى، ثم ظهور المهدى المنتظر.

هذا الكلام كله يتأسس على فرضية خاطئة لا تتسق مع ما نفاه النبى صلى الله عليه وسلم عن نفسه من معرفة بالغيب بآية كريمة فى القرآن، وما نفاه القرآن عن أى إنسان من قدرة على استشراف الغيب أو معرفة خطوط المستقبل، والأخطر من ذلك أن يكون لديه علم بموعد القيامة، لأن الله تعالى اختص ذاته الكريمة بذلك.

وحول الساعة وموعد القيامة وعلاماتها يقول الله تعالى: «فهل ينظرونَ إلا الساعةَ أن تأتيهم بغتةً فقد جاءَ أشراطُها فأنَّى لهم إذا جاءتهُم ذِكراهُم». والمعنى فى الآية واضح وهو أن الساعة تأتى فجأة، وأن المشركين قد جاءوا بأشراطها بمعصيتهم لله تعالى، ثم يتساءل النص: فماذا سيفعلون إذا وقعت فوق رؤوسهم وجاءتهم، ولحظتها لن يكون لهم من مهرب من عذاب الله.

فكأن معنى «الساعة» فى الآية هو الموت، وكأن الإنسان إذا مات قامت قيامته، وبالتالى فالأشراط المقصودة فى الآية الكريمة تتمثل فى المقدمات التى تُفضى بالإنسان إلى المعصية وتدمير إنسانيته والإساءة إلى الحياة من حوله، والجور على غيره، بما يؤهله لعذاب الله حين يموت وتقوم قيامته.. والله تعالى أعلى وأعلم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

علم الساعة علم الساعة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon