توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«المهدي» والأوهام القاتلة

  مصر اليوم -

«المهدي» والأوهام القاتلة

بقلم :د. محمود خليل

الظلال السياسية التى تغلب على أحاديث «المهدى» وتقرير أنه سيملأ الأرض عدلاً وقسطاً بعد أن مُلئت جوراً وظلماً يؤشر إلى طبيعة السياق التى يروج فيها مثل هذا الخطاب.

فثمة مصالح سياسية معينة للسلطة التى حكمت المسلمين فى الترويج لفكرة «المهدى»، أبسطها أنها تدفع الشعوب إلى المكوث فى انتظار ظهوره، ليحل لهم مشاكلهم بعيداً عن أى جهد يبذلونه، فليس عليهم سوى الانتظار، وسلاطين المسلمين واثقون أن الشعوب تمكث فى انتظار ما لا يجىء.

لا تجاوز «فكرة المهدى» عتبة الوهم الذى يعشش فى عقول الشعوب وأفئدتها، وربط ظهوره بـ«آخر الزمان» يسلط الضوء بدرجة أكبر على جانب الوهم فيها، فلا أحد بالبداهة يعلم متى تنتهى الحياة على الأرض، وبالتالى فمهما طال الانتظار لا بد من المواصلة وعدم مراجعة الفكرة أو نقدها.

بإمكانك أن تحدد درجة وجاهة أى فكرة ذات طابع إسلامى أو جدواها بمعايرتها بما جاء فى القرآن الكريم، الكتاب الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. وفكرة المهدى لا تجد صدى لها فى النص القرآنى الذى ينص على أن الهدى هدى الله، كما حكيت لك وأن الجنس البشرى كله ضعيف يستمد العون والهداية من الخالق العظيم.

الخطير فى الأمر أن رواج فكرة المهدى بين المسلمين أدى فى أوقات معينة إلى ظهور بعض المغامرين الذين زعم كل منهم أنه المهدى المنتظر الذى ابتعثه الله ليملأ الأرض عدلاً بعد أن ملئت جوراً وطلب من المسلمين مبايعته بين الركن والحرم. حوادث كثيرة شهدتها المجتمعات الإسلامية، ومن بينها مصر، اقترنت بظهور شخص يدعى أنه المهدى، لعل أخطرها واقعة الحرم المكى عام 1979.

كان ذلك على رأس العام الهجرى 1400، أى قبل ما يقرب من 43 سنة من اليوم، حين احتل جهيمان العتيبى بيت الله الحرام بقوة السلاح، وأعلن ظهور المهدى المنتظر، وهو زوج شقيقته محمد بن عبدالله القحطانى، وطالب المسلمين بمبايعته بين الركن والحرم، وظل يسيطر على الحرم لعدة أيام، وثار خلاف يومها فى الشارع المسلم حول الهجوم عليه وإخراجه وأتباعه بالقوة، خصوصاً أنهم تمكنوا من إدخال كمية كبيرة من السلاح داخل عدد من النعوش خلال فجر اليوم الأول من شهر المحرم من القرن الهجرى الخامس عشر، وحسمت المسألة بالتدخل ليتم القبض على جهيمان ويقتل المهدى المنتظر.

قبلها بعامين -عام 1977- شهدت مصر حادثة شبيهة، حين أسس شكرى مصطفى جماعة أطلق عليها «جماعة المسلمين» واشتهرت بين الناس باسم «التكفير والهجرة»، وأعلن نفسه مهدياً منتظراً وقام باختطاف الشيخ محمد حسين الذهبى وزير الأوقاف الأسبق وقتله، وتم القبض على القاتل ونفذ فيه حكم الإعدام.

سقط فى هاتين الواقعتين العديد من القتلى والجرحى، وزادت الأوضاع سوءاً فى العالم الإسلامى، جراء ممارسات هؤلاء المغامرين، لكن العقول التى تقتات على «الوهم» لا تتعلم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«المهدي» والأوهام القاتلة «المهدي» والأوهام القاتلة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon