توقيت القاهرة المحلي 22:36:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أيامنا باتت صعبة

  مصر اليوم -

أيامنا باتت صعبة

بقلم :د. محمود خليل

أحداث عديدة تتفاعل من حولنا تؤشر إلى أننا بحاجة إلى مراجعة أنفسنا.. أيامنا باتت صعبة.

حديثى هذا ليس حديثاً خاصاً بل هو حديث عام، ولو أنك فتشت فى الواقع المحيط القريب منك فستجد أن هذه الملاحظة شرك بين أغلبنا.

فتش فى أخلاقنا فستجد أنها لم تعد كما كانت.. هل تدرى لماذا؟ لأن شعلة التعاطف خبت فى داخلنا.. لا أنسى مشهداً عشته وأنا طفل صغير، حين كانت تتجمع كل الأسر التى تعيش فى بيت واحد داخل إحدى الشقق التى يملك صاحبها تليفزيوناً ليتشارك الجميع فى متعة المشاهدة.

كان التليفزيون يذيع فيلم «حكاية حب» لعبدالحليم حافظ لأول مرة بمناسبة العيد.. وصلت أحداث الفيلم إلى مشهد اكتشاف البطل للمرض الخطير الذى يهدد حياته، ترك الإنسانة التى يحبها وسافر إلى الإسكندرية يبكى ضعفه وقلة حيلته ويترنم بكلمات أغنية «فى يوم فى شهر فى سنة».. لا أستطيع أن أصف لك شلال الدموع الذى جلل صفحات وجوه المشاهدين تعاطفاً مع البطل رغم أن الكل يعلم أن المسألة تمثيل ليس أكثر.

من يطّلع اليوم على هذا المشهد قد يستغرب وقد يضحك على هؤلاء البشر الذين يبكون أو يضحكون أو يغنون على «الفاضية والمليانة»، دون أن يدرك أن شعلة التعاطف بداخله قد خبت، وأن القلب قسا، فأصبح كالحجارة أو أشد قسوة.

انطفاء شعلة التعاطف هى السر وراء ما تقرأه من حوادث عجيبة تمتد فيها يد البعض إلى أقرب الناس إليهم، الأب والأم والابن والابنة والزوج والزوجة.

انطفاء شعلة التعاطف هو السر وراء اختفاء سلوك «الطبطبة» الذى شكّل ركناً ركيناً من أخلاقيات المصريين عبر فترة طويلة من تاريخهم، كانت الطبطبة العامل الأهم الذى يدفع المصريين إلى كفالة بعضهم البعض، وليس نهب أو سلب وذبح بعضهم البعض كما يحدث حالياً.

ولا يعتذرن أحد بالضغوط المعيشية التى يعانى منها الناس، فقد عاش هذا الشعب فترات أشد قسوة على هذا المستوى، ورغم ذلك لم تنطفئ شعلة التعاطف بداخله.

هل تعرف أن انطفاء هذه الشعلة هو أصل الفساد فى الأرض؟. الإجابة عن هذا السؤال ستجدها فى الآية الكريمة التى تقول: «فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ».

الآية الكريمة تربط بين عناصر ثلاثة: الأول هو العنصر الإيمانى، والثانى عنصر الفساد، والثالث عنصر تقطيع الأرحام. أظن والله أعلم أن رأس هذا المثلث هو عنصر «قطع الرحم»، بما يعنيه من غياب سلوك «الطبطبة» على القريب، فما بالك بالبعيد.

قطع الرحم هو أكبر مظهر من مظاهر الفساد فى الأرض، فعندما تخبو شعلة العطف والتعاطف يفسد البشر ويفسد بالتبعية ما حولهم، ولا تحدثنى عن إيمانهم حتى ولو كانوا يرتادون المساجد، ويديرون تليفزيوناتهم على محطات القرآن، وإذاعاتهم على محطة القرآن الكريم، ويحجون البيت ويعتمرون، فإذا لم ترتق العبادة بسلوك الإنسان وتشعل أنوار التعاطف والعطف والرحمة بداخله فهى لا تعدو أن تكون تمثيلاً على الخالق ومخلوقاته.

نحن بحاجة إلى مراجعة أنفسنا أكثر من أى وقت مضى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أيامنا باتت صعبة أيامنا باتت صعبة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon