توقيت القاهرة المحلي 13:49:10 آخر تحديث
  مصر اليوم -

شجرة «الخبث»

  مصر اليوم -

شجرة «الخبث»

بقلم: د. محمود خليل

متى يصبح حبل النكد على الجرار لدى الفرد أو المجموع؟الآية الكريمة التى تقول: «والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذى خبث لا يخرج إلا نكداً» تقدم لنا إجابة عن السؤال. فكل مظاهر النكد التى يمكن أن تبصرها من حولك نتيجة لمقدمة واحدة ثابتة هى «الخبث».

ويُقصد بـ«الخبيث» من الأشياء والأحوال والبشر كل ردىء أو مكروه أو فاسد أو باطل، وعكسه كل ما هو طيب. وثنائية الطيب والخبيث من الثنائيات الحاضرة بشكل لافت داخل النص القرآنى الكريم. فالبشر طيبون وطيبات وخبيثون وخبيثات، والبلد قد يكون «طيباً» أو «خبيثاً»، والكلمات أشجار بعضها «طيب» وبعضها «خبيث»، والمال «خبيث» و«طيب»، والمأكولات «طيبات» و«خبائث»، والله تعالى فى الختام هو وحده الذى يميز «الخبيث» من «الطيب». إذن الخبث بما يحمله من معانى الرداءة والفساد قد يضرب كل ناحية من نواحى الحياة، فهو يضرب النفس البشرية، كما يضرب المال، كما يضرب الأرض، كما يضرب الطعام والشراب ومعطيات الحياة، كما يضرب أسلوب كلام الناس مع بعضهم البعض، حين يستدعون من قاموس الخبث وهم يتكلمون.

حالة الرداءة التى تصيب جوانب الحياة لا تحدث بين يوم وليلة، بل هى فى الأصل مسألة تراكمية تتطلب سنين حتى تستوى على أعواد حطبها، ومثلها فى ذلك مثل حالة الطيبة التى تستند إلى منظومات قيمية تحكم كافة جوانب الحياة وتترسخ فى نفوس الأفراد والمجتمعات عبر سنوات طوال.

يولد البشر طيبين، فإما أن يؤكد المجتمع معانى الطيبة بداخلهم أو يبدأ فى إرضاعهم الرداءة.

يقال للطفل: نادى أبوك باسمك وأمك باسمها.. اللى يضربك اضربه، واللى يشتمك اشتمه.. خد الموبايل العب عليه، ومُش مهم يتعلم منه إيه.. أنتِ أحلى بنت فى الدنيا، ولازم اللى ياخدك يتاقلك بالمال.. بنتى ملكة متوجة وما تتجوزش شاب أى كلام بيشتغل عشان يصرف على تعليمه، بنتى تتجوز اللى يعرف يتمنها.. إحنا يا ابنى اللى بنعبد ربنا على حق.. مُش مهم تنجح بالغش ولا بالمذاكرة، المهم تنجح.. العبرة مش بتشتغل إيه، العبرة بتكسب كام، اضحك انت ع الناس واوعى حد يضحك عليك.. إحنا يا ابنى أسياد الناس.. وعيلتنا مصدر قوتنا.

هذه الجمل وغيرها تُلقّن للأطفال والصبية فترسم خرائط الرداءة بداخلهم، وتجعلهم مهيَّئين -فيما بعد- لابتلاع كل ردىء جديد يظهر فى عالمهم. وبهذه الطريقة تتشكل الأنفس الخبيثة التى تحتكم إلى عدسة الرداءة فى النظر إلى ما حولها ومن حولها، وتستند إلى منهجيات الخبث فى أفعالها، وقواميس الرداءة فى أقوالها.

الرداءة فى أى مجتمع أو داخل نفس أى فرد تبدأ بنبتة صغيرة تكبر وتتفرع وتنتشر فتغلب ما عداها، وخرائط الطيبة تنطلق هى الأخرى من نقطة داخل نفس الفرد أو الجماعة لتتمدد بعد ذلك وتلفهما برداء الجودة، وإلا لماذا قال النبى صلى الله عليه وسلم: «لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق»؟.

الخبث والطيبة منتجان اجتماعيان بالأساس.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شجرة «الخبث» شجرة «الخبث»



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:09 2024 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

مميزات كثيرة لسيراميك الأرضيات في المنزل المعاصر

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

بوجاتي تشيرون الخارقة في مواجهة مع مكوك فضاء

GMT 05:50 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

تسلا تنشر صور للشاحنة سايبرتراك باختبار الشتاء

GMT 13:06 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي عضو لجنة تحكيم الأفلام الطويلة بمهرجان الجونة

GMT 20:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

رسميًا إيهاب جلال مديرًا فنيا لنادي بيراميدز
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon