توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حياة أو موت

  مصر اليوم -

حياة أو موت

بقلم :د. محمود خليل

كانت حقبتا الخمسينات والستينات أكثر الحقب دفئاً على المستوى الأخلاقى فى حياة المصريين، ولم تكن الحقبتان كذلك لظرف أو أسباب اقترنت بهما، قدر ما تعلقت بالمنظومة الأخلاقية التى كانت تتم التربية عليها خلال الثلاثينات والأربعينات.

بإمكان الأفلام السينمائية التى أُنتجت فى الثلاثينات والأربعينات وكان حاضراً فيها بُعد أخلاقى أن تمنحك بعض المؤشرات عن المنظومة الأخلاقية التى حرص المنتج السينمائى على التأكيد عليها وتكريسها، بدءاً من فيلم «زينب» لمحمد حسين هيكل الذى يؤكد على حق الفقير فى الحياة، وفيلم «الزواج» الذى يحارب الفسق والاستهتار، و«سلامة فى خير» الذى يحتفى بقيمة حفظ الأمانة، و«العزيمة» الذى يدافع عن الحق فى العمل، و«لو كنت غنى» الذى يرصد أن أى ضعيف هو مشروع متجبر إذا أتيحت له الفرصة، و«ابن الحداد» الذى يحتفى بقيمة العمل والعمال، و«أحب البلدى» الذى يحتفى بالحياة والقيم الشعبية، و«السوق السوداء» الذى يعالج جشع التجار الذين يتحولون لمصاصى دماء خلال الحروب والأزمات، و«سفير جهنم» الذى يعالج استسلام الإنسان للشيطان.

بالطبع كانت هناك أفلام أخرى استهلاكية أو كوميدية إلى جوار هذه المجموعة من الأفلام الهادفة إلى بناء منظومة أخلاقية معينة لدى الجمهور، لكن الشاهد أن هذا كان موجوداً إلى جوار ذاك.

الغرس الثقافى والتربوى الذى قامت به المؤسسات المسئولة عن تشكيل المنظومة الأخلاقية للجمهور خلال حقبتى الثلاثينات والأربعينات ظهر نتاجه فى الخمسينات والستينات. هاتان الحقبتان اللتان اشتملتا على مجموعة من المفكرين والأدباء والمبدعين والفنانين والموسيقيين والكتاب لم تتوافر لغيرهما من الحقب.

لذا فقد جاء المنتج الثقافى والفنى والتعليمى -فى أغلبه- داعماً لقيم الحب، واحترام الاجتهاد، وتثمين العلم وحمَلته، والعطف على الضعيف، والتعايش بين فئات المجتمع المختلفة.

خلال حقبتى الخمسينات والستينات لم تكن مصر تعانى من الزحام الذى تعانيه حالياً، فكانت الأعصاب مسترخية والنفوس هادئة بدرجة أكبر، عدم وجود الزحام زاد أيضاً من الفرص المتاحة أمام الأفراد مقارنة بالأوضاع داخل «مصر الطوابير».

الأسرة خلال هذه المرحلة كانت محكومة بمجموعة من القواعد الحاسمة، فدور الأب محدد المواصفات، وأغلب الآباء يتحرون الالتزام بها، وكذا دور الأم، وأدوار الأبناء. وكانت أصول التربية تفرض على الجميع احترام الكبير، وترشد الكبير إلى العطف على الصغير والضعيف واحتوائه وعدم النيل منه.

معدلات الدخل أيضاً خلال حقبتى الخمسينات والستينات كانت معقولة، تستطيع أن تستشف ذلك من خلال تأمل بعض الأفلام السينمائية التى كانت تقدم أفراد الطبقة الوسطى -بمن فيهم الموظفون- يعيشون حياة مستقرة، كل بيت فيه خادمة، والحياة تسير دون مشكلات حقيقية، بإمكانك مثلاً أن تتأمل فيلم «فى بيتنا رجل»، وفيلم «معلش يا زهر»، وغيرهما.

إن فيلماً واحداً من أفلام الخمسينات استطاع أن يلخص لك الحالة الأخلاقية للمجتمع المصرى خلال هذه الحقبة، وهو فيلم «حياة أو موت» الذى يحكى لك كيف تآزرت أطياف مختلفة من المجتمع مع طفلة صغيرة ذهبت لتحضر دواء لأبيها المريض، فأخطأ الصيدلى فى تركيبه، وباتت حياة من يتناوله مهددة.

كل ما كان يحيط بالإنسان المصرى خلال هاتين الحقبتين دعاه إلى الهدوء والاسترخاء، وحثه على استيعاب غيره واحتوائه والطبطبة عليه ومساعدته ما وجد إلى ذلك سبيلاً.

فماذا حدث للناس بعد ذلك؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حياة أو موت حياة أو موت



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon