توقيت القاهرة المحلي 02:14:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التنمية المستدامة

  مصر اليوم -

التنمية المستدامة

بقلم: د. محمود خليل

يرى البعض أن مجتمعنا المصرى مجتمع ذكورى بامتياز ينتصر للرجل، وأحياناً ما يهدر المرأة وحقوقها، وأن الرجل حاكم بأمره، خصوصاً داخل الأسرة، فالزوجة والأبناء يسمعون له ويطيعون، ويرى آخرون أن التحكم الذكورى أحياناً ما يجور على أحكام شرعية تضمن حق المرأة فى الميراث، ليأتى الرجل ويحرم المرأة من حقها حتى لا تغادر الثروة بيت العائلة المحكوم ذكورياً.

كلام مثل هذا كثير يتردد من حين إلى آخر إلى حد يتصور معه الغرباء عن المجتمع المصرى أن المرأة تعانى أشد المعاناة من تحكم الرجل فيها وسيطرته عليها.

أستطيع أن أتفهم من يقول إن المرأة المصرية الفقيرة تعانى من أشكال مختلفة من الإهدار. سيدات مصريات كثيرات يخرجن مع مطلع الفجر ليعملن فى أشغال شاقة حتى غروب الشمس من أجل توفير دخل يطعمن به الأبناء وينفقن به على البيت الذى يسكنه زوج لا يعمل.. بعض الأزواج يودون العمل، لكنهم لا يجدون، وبعضهم «اتكالى» يعتمد على زوجته فى توفير بنود الإنفاق الخاصة به وبأولاده، ثمة نماذج عديدة بالفعل لرجال ليس لهم حظ من الذكورة إلا فى أسمائهم، لكن يوجد فى المقابل رجال آخرون يكدون ويشقون من أجل توفير احتياجات أبنائهم وزوجاتهم، ومؤكد أن الصنف الثانى هو الغالب، والسر فى ذلك هو الثقافة الاجتماعية التى تحتفى بالرجل الملتزم بواجباته نحو أسرته، وترى أن هذا الالتزام علامة من علامات الرجولة.

داخل النوعين من الأسر التى يتصدرها رجل «اتكالى» أو آخر «ملتزم» يصعب القول بوجود حالة غالبة من السيطرة الذكورية عليها، بل يمكن القول بأن العكس هو الحاصل، فالمرأة فى الحالتين ليست مهيضة الجناح، بل مسيطرة بطريقتها المعتادة على الزوج وعلى الأبناء، وإن بان غير ذلك فى الظاهر، كجزء من الثقافة الاجتماعية التى تؤكد على الزوجة منح زوجها «برستيجه» كاملاً أمام الأغيار، وهى حرة فيما عدا ذلك، هذه الممارسة مفهومة فى الأسر التى يلتزم الزوج بإعالة أفرادها، وهى أيضاً قائمة فى حالة «الزوج الاتكالى»، حيث يخضع واقعياً -حتى ولو كان يبدو غير ذلك فى الظاهر- للزوجة، طبقاً لقاعدة «من تملك تحكم».

وحتى فى البيئات التى يتم حرمان المرأة فيها من الميراث، يصعب القول بالسيطرة الذكورية عليها. فالمرأة داخل هذه البيئات تمارس دور المحرك الأول للرجل فى قضايا مثل الثأر، وحرمان البنات أو السيدات من إرثهن الشرعى مبرره رغبة -غير موضوعية بالطبع- فى عدم تفتيت الثروة (أرض زراعية فى الأغلب) خارج العائلة.

من الصعوبة بمكان وصف مجتمع بـ«الذكورى» فى الوقت الذى يخشى فيه الزوج كل الخشية مواجهة زوجته فى حالة إقدامه على خطوة انتحارية بالزواج عليها. فى الظاهر يبدو الرجل وكأنه جبل لا تهزه ريح ولا يتقلقل أمام أى قوة مهددة له، لكنه فى الباطن يبدو ضعيفاً مهزوزاً أمام زوجته حين يقرر الزواج عليها بأخرى. وعادة ما تكون نهاية هذا الصنف من الرجال على يدى الزوجة التى تكتشف أن زوجها قرر أن يجلب لها «ضرة» فتورده موارد الهلاك. لعلك تذكر وقائع الفساد التى تورط فيها بعض المتنفذين وتم كشفها على يد زوجاتهم، فى اللحظة التى اكتشفت فيها كل واحدة أنه متزوج عليها.

أى مجتمع هذا الذى يوصف بالذكورية فى وقت يمتلك فيه الرجل جرأة الجور على الحق فى العديد من المواقف والمحافل، لكنه يجبن عن مواجهة زوجته بممارسة حق كفله له الشرع ما توافرت شروط ذلك؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التنمية المستدامة التنمية المستدامة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:09 2024 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

مميزات كثيرة لسيراميك الأرضيات في المنزل المعاصر

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

بوجاتي تشيرون الخارقة في مواجهة مع مكوك فضاء

GMT 05:50 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

تسلا تنشر صور للشاحنة سايبرتراك باختبار الشتاء

GMT 13:06 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي عضو لجنة تحكيم الأفلام الطويلة بمهرجان الجونة

GMT 20:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

رسميًا إيهاب جلال مديرًا فنيا لنادي بيراميدز
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon