توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التنمية المستدامة

  مصر اليوم -

التنمية المستدامة

بقلم: د. محمود خليل

يرى البعض أن مجتمعنا المصرى مجتمع ذكورى بامتياز ينتصر للرجل، وأحياناً ما يهدر المرأة وحقوقها، وأن الرجل حاكم بأمره، خصوصاً داخل الأسرة، فالزوجة والأبناء يسمعون له ويطيعون، ويرى آخرون أن التحكم الذكورى أحياناً ما يجور على أحكام شرعية تضمن حق المرأة فى الميراث، ليأتى الرجل ويحرم المرأة من حقها حتى لا تغادر الثروة بيت العائلة المحكوم ذكورياً.

كلام مثل هذا كثير يتردد من حين إلى آخر إلى حد يتصور معه الغرباء عن المجتمع المصرى أن المرأة تعانى أشد المعاناة من تحكم الرجل فيها وسيطرته عليها.

أستطيع أن أتفهم من يقول إن المرأة المصرية الفقيرة تعانى من أشكال مختلفة من الإهدار. سيدات مصريات كثيرات يخرجن مع مطلع الفجر ليعملن فى أشغال شاقة حتى غروب الشمس من أجل توفير دخل يطعمن به الأبناء وينفقن به على البيت الذى يسكنه زوج لا يعمل.. بعض الأزواج يودون العمل، لكنهم لا يجدون، وبعضهم «اتكالى» يعتمد على زوجته فى توفير بنود الإنفاق الخاصة به وبأولاده، ثمة نماذج عديدة بالفعل لرجال ليس لهم حظ من الذكورة إلا فى أسمائهم، لكن يوجد فى المقابل رجال آخرون يكدون ويشقون من أجل توفير احتياجات أبنائهم وزوجاتهم، ومؤكد أن الصنف الثانى هو الغالب، والسر فى ذلك هو الثقافة الاجتماعية التى تحتفى بالرجل الملتزم بواجباته نحو أسرته، وترى أن هذا الالتزام علامة من علامات الرجولة.

داخل النوعين من الأسر التى يتصدرها رجل «اتكالى» أو آخر «ملتزم» يصعب القول بوجود حالة غالبة من السيطرة الذكورية عليها، بل يمكن القول بأن العكس هو الحاصل، فالمرأة فى الحالتين ليست مهيضة الجناح، بل مسيطرة بطريقتها المعتادة على الزوج وعلى الأبناء، وإن بان غير ذلك فى الظاهر، كجزء من الثقافة الاجتماعية التى تؤكد على الزوجة منح زوجها «برستيجه» كاملاً أمام الأغيار، وهى حرة فيما عدا ذلك، هذه الممارسة مفهومة فى الأسر التى يلتزم الزوج بإعالة أفرادها، وهى أيضاً قائمة فى حالة «الزوج الاتكالى»، حيث يخضع واقعياً -حتى ولو كان يبدو غير ذلك فى الظاهر- للزوجة، طبقاً لقاعدة «من تملك تحكم».

وحتى فى البيئات التى يتم حرمان المرأة فيها من الميراث، يصعب القول بالسيطرة الذكورية عليها. فالمرأة داخل هذه البيئات تمارس دور المحرك الأول للرجل فى قضايا مثل الثأر، وحرمان البنات أو السيدات من إرثهن الشرعى مبرره رغبة -غير موضوعية بالطبع- فى عدم تفتيت الثروة (أرض زراعية فى الأغلب) خارج العائلة.

من الصعوبة بمكان وصف مجتمع بـ«الذكورى» فى الوقت الذى يخشى فيه الزوج كل الخشية مواجهة زوجته فى حالة إقدامه على خطوة انتحارية بالزواج عليها. فى الظاهر يبدو الرجل وكأنه جبل لا تهزه ريح ولا يتقلقل أمام أى قوة مهددة له، لكنه فى الباطن يبدو ضعيفاً مهزوزاً أمام زوجته حين يقرر الزواج عليها بأخرى. وعادة ما تكون نهاية هذا الصنف من الرجال على يدى الزوجة التى تكتشف أن زوجها قرر أن يجلب لها «ضرة» فتورده موارد الهلاك. لعلك تذكر وقائع الفساد التى تورط فيها بعض المتنفذين وتم كشفها على يد زوجاتهم، فى اللحظة التى اكتشفت فيها كل واحدة أنه متزوج عليها.

أى مجتمع هذا الذى يوصف بالذكورية فى وقت يمتلك فيه الرجل جرأة الجور على الحق فى العديد من المواقف والمحافل، لكنه يجبن عن مواجهة زوجته بممارسة حق كفله له الشرع ما توافرت شروط ذلك؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التنمية المستدامة التنمية المستدامة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

GMT 09:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:45 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

فجر السعيد تفتح النار على نهى نبيل بعد لقائها مع نوال

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 20:43 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الأمير هاري يتحدث عن وراثة أبنائه جين الشعر الأحمر

GMT 20:11 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تكريم توم كروز بأعلى وسام مدني من البحرية الأميركية

GMT 09:56 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 12:18 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

الروح والحب والإخلاص " ربنا يسعدكم "

GMT 23:59 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق مبدئي على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا

GMT 18:11 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

3 تحديات تنتظر الزمالك قبل غلق الميركاتو الصيفي

GMT 07:33 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

"سيسيه يؤكد رفضت عروضا من أجل البقاء مع "الاتحاد

GMT 05:59 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

محمد النني يقترب من الدوري السعودي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon