توقيت القاهرة المحلي 14:09:02 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فى تفسير الشماتة

  مصر اليوم -

فى تفسير الشماتة

بقلم: د. محمود خليل

آية كريمة فى سورة الأعراف تجد فيها تفسيراً لمرض الشماتة الذى ضرب قطاعاً من المصريين فى السنوات الأخيرة، وهى آية تشرح لك موقف نبيين من أنبياء الله، هما موسى وهارون عليهما السلام. يقول الله تعالى فيها: «وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِى مِن بَعْدِى أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِى وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِى فَلَا تُشْمِتْ بِىَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ».

علم موسى أن «السامرى» قد فتن قومه وأضلهم عن عبادة الواحد الأحد وساقهم إلى عبادة عجل من ذهب صنعه لهم وقال لهم هذا إلهكم وإله موسى، غضب النبى غضباً شديداً وأسف على الحال التى وصل إليها بنو إسرائيل، وانفعل على أخيه هارون، وجره من رأسه يلومه على سكوته على قومه وهو يراهم يفعلون ذلك، فرد عليه هارون بأن القوم استضعفوه وكادوا يقتلونه حين واجههم بالمنزلق الخطير الذى ينزلقون إليه، وترجاه ألا يشمت به الأعداء الذين سيفرحون فيما يحدث له من أخيه.

إنه الغضب الذى يؤدى إلى الشماتة. فالنفس المشحونة بالغضب هى القادرة على نشر رياح الشماتة فى الأفق. فكلما ارتفع منسوب الغضب فى النفوس أدى ذلك إلى جر الأفراد إلى الإحساس المريض بالشماتة فى زلات الآخرين أو عثراتهم أو حتى مصائبهم.

وقد باتت الشماتة جزءاً لا يتجزأ من ثقافة قطاع من المصريين، يتشكل من فريقين، يحمل كل فريق منهما غضباً مستطيراً إزاء الفريق الآخر. الشماتة إحساس مقيت لكنه قائم وموجود، وأساسه حالة الغضب التى ضربت بعض المصريين فجعلتهم يفرحون فيما يصيب خصومهم من مرض أو وفاة، وكأن سنن المرض والموت لا تجرى عليهم، بل تجرى على غيرهم فقط، ولكى أكون أميناً لا بد أن أؤكد أن الفريقين يلعبان هذه اللعبة المقيتة مع بعضهما البعض، وفى اللحظة التى يلوم فيها أحد الفريقين الآخر على فعله، فإن الآخر يذكره بشماتاته السابقة فيما وقع لبعض أعضائه.

منزلق خطير ذلك الذى وصلنا إليه، فالغضب الذى يترجم اليوم فى شماتة يمكن أن يترجم فى الغد إلى أفعال أشد وأدهى، يخرج فيها كل فريق مخالبه للآخر وينشبها فيه. فالغضب هو المقدمة الأخطر لكل بؤس يضرب حياة البشر.

لقد عشنا مثل هذه الحالة بعد نكسة يونيو 1967، عندما هُزمنا فى الحرب واحتلت إسرائيل الأرض، فانتاب البعض إحساس بالشماتة فى النظام الناصرى، بسبب مواقف أو قرارات أو إجراءات سابقة اتخذها عبدالناصر أضرت بهم، لكن الأمر لم يكن مستفحلاً بالصورة التى نعيشها حالياً.

الشماتة المقرونة بالغضب تكاد تقسم المجتمع المصرى الآن على اثنين أو ثلاث، وثمة أطراف تغذى هذه القسمة بنشاط وهمة، تمهيداً لإدخال هذا المجتمع فى ابتلاء لم يسبق له أن عاشه، وإذا كان المصريون قد نجحوا فى لملمة ما تبعثر منهم أيام النكسة وقاموا من جديد وانتصروا، فإن الأمر هذه المرة جد مختلف، وهو فى كل الأحوال لا يبشر بخير.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فى تفسير الشماتة فى تفسير الشماتة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon