توقيت القاهرة المحلي 13:08:00 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الشهد والدموع

  مصر اليوم -

الشهد والدموع

بقلم: د. محمود خليل

العبرة دائماً بالخواتيم وليس بالبدايات.. تلك هى الحكمة التى يمكن أن نستخلصها من قصة الظلم التى حكاها المبدع البديع أسامة أنور عكاشة فى مسلسل «الشهد والدموع»، الذى أنتج منتصف الثمانينات.

إنها القصة المتكرّرة داخل الكثير من الأسر والجماعات والمجتمعات، عندما يسرق طرف حق طرف آخر ويأكله ويمضغه ويهضمه، لكن تشاء الظروف أن تبقى جرثومته، لتنمو بعد حين وتترعرع وتزهر فى لحظات يحس الظالم فيها أن كل شىء دان له، ويصل إلى حالة نسيان كامل لجرمه القديم، ويظن خطأً أن الدنيا من حوله نسيت ما فعل، وسبحان الله الذى وصف ذاته العلية بقوله تعالى: «وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا».

تأخذك حدوتة «الشهد الدموع» فى رحلة بحث عن حصاد المال الذى تربّى فى حضن الطمع والأثرة وأكل الأخ حقوق أخيه، استولى الأخ الكبير على مال أخيه الأصغر، وتسبّب فى وفاته حسرة على ضياع ما ملكت يداه، ليترك أطفاله نهباً للحاجة والعوز ومد اليد للعم الذى استولى على كل شىء، فى أحوال كان يلقى بالفتات إلى أولاد شقيقه وزوجته، ولكن سرعان ما كان يشح يده عن أى عطاء لأقل غضبة يغضبها عليهم.

غرست الأم المكلومة فى نفوس أولادها بذرة الكراهية والانتقام من عمهم وأولاده، ومرت السنون وكبرت بداخلهم وطرحت ثمارها، فى الوقت الذى عاش فيه اللص ناعماً هو وزوجته وأولاده، لكن المال الذى تربّى فى حضن الطمع لم يُثمر فى الأبناء، مثلما أثمرت القروش القليلة فى أبناء الأخ المغدور، فباتوا أكثر نجاحاً وتوازناً من أبناء اللص، وحينما حانت ساعة الانتقام توجّهت سهامه إلى قلوب الأبناء لتحترق بأوجاعهم قلوب الآباء.

تنتهى الثروة إلى فراغ حين يقف الأخ الأكبر مع نفسه فى لحظة صدق يدرك فيها جرمه وأنه أضاع عمره يجرى وراء لعنة أدت فى النهاية إلى تدميره وكل من حوله. وفى لحظة الصدق تلك يقرر أن يتخلص من اللعنة التى أثقلت ظهره سنوات، وسمّمت حياة أبنائه وأبناء شقيقه وباقى أفراد العائلة، ويصمّم ألا يتركها تحرق قلوب أجيال جديدة.

إنها قصة قديمة متجدّدة تشهد على أن التحقيقات التى يصنعها الإنسان فى البدايات بلا ضمير أو أخلاق أو معايير موضوعية قد تسعده لبعض الوقت، لكنها كفيلة بتدمير حياته وحياة من حوله باقى عمره، بل يمكنها أن تمتد بتأثيراتها السلبية إلى أجيال تالية.

يخطئ من يظن أن الشر ورعاته هم من ينتصرون فى الحياة دائماً، وأن تلك هى النظرة الواقعية لما يتعارك على مسرحها من أحداث، لكن منطق الواقع والتاريخ يقولان إن جرثومة الهزيمة والخسارة تكمن فى رحم من تراهم يزعمون أنهم حققوا نصراً قضوا فيه على شخص أو فكرة أو قيمة، وإن آية النصر مرسومة على جبين من يتوهم الإنسان فيهم الهزيمة، لأن ساعتهم آتية لا محالة، وفوزهم أكيد لا ريب فيه، وموطن الجمال فيه أنه فوز فى «الخواتيم».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشهد والدموع الشهد والدموع



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon