بقلم: د. محمود خليل
لفتنى فى مشروع قانون «الفحص الطبى الشامل قبل الزواج» النص الذى يفرض على كل من الزوجين اجتياز دورة للتأهيل النفسى والاجتماعى قبل إتمام إجراءات الزواج.
حدد المشروع الجهة المنوط بها القيام بهذه المهمة فى إدارة سيتم استحداثها، اسمها إدارة التأهيل النفسى والاجتماعى، يعين فيها مجموعة من الخبراء النفسيين والاجتماعيين، من المتوقع أن يكونوا مسئولين عن تنظيم وتنفيذ أدوات التأهيل.
لا أستطيع أن أقلل من دور عملية التأهيل فى إعداد الشباب والشابات للزواج.. فالجيل الجديد أحياناً ما يعانى من مشكلات عدم نضج أو قلة وعى بمتطلبات ومسئوليات تكوين أسرة وفتح بيت جديد، لكننى أستغرب من أن يتم ذلك من خلال جهة مسئولة تمنح شهادات اجتياز لدورات تأهيلية.
لدينا كمجتمع العديد من الخبرات السيئة مع مسائل التأهيل والحصول على الشهادات، فأحياناً ما يحصل عليها البعض بطرق غير منضبطة لا تنبئ عن نيلهم إعداداً أو تأهيلاً أو معرفة، ويفعل ذلك بعض من يميلون إلى سد فم من يطلب منهم شهادة فى وقت لا يوجد لديهم الرغبة فى القيام بمتطلباتها.
مسألة التأهيل مطلوبة، ولا شك، لكننى لا أظن أن الدورات التدريبية ستكون مجدية فى تحقيقها.
زمان كانت مسألة التأهيل للزواج تتم من خلال الأب والأم.. مسئولية الأب توعية الابن المقدِم على الزواج، ومنه يتلقى «العريس» التوصيات النافعة له فى إدارة حياته الجديدة، ومسئولياته كزوج، ثم مسئولياته بعد ذلك كأب.. ومسئولية الأم توعية الابنة، ومنها تتلقى «العروسة» التوصيات المتصلة بكيفية التعامل مع الزوج، وما يتوجب عليها إزاء أبنائها حين يرزقها الله تعالى بأطفال.. أين دور الأب والأم الآن؟
زمان كان الإعلام يقوم بدور أيضاً فى التوعية الأسرية المتواصلة، وتأهيل أطراف معادلة الزواج أو الأسرة بما يتوجب على كل منهما لبناء حياة سعيدة.. جميعنا يذكر برنامج «إلى ربات البيوت» والحديث الخصب الدافئ للراحلة الكبيرة «صفية المهندس» والذى أنصتت إليه آذان أجيال بعد أجيال عبر أثير الإذاعة.. أين دور الإعلام اليوم؟
زمان كانت المدرسة تقوم بدور فى تأهيل النشء للأدوار المتوقعة منهم كأزواج وزوجات المستقبل عبر حصة تعليمية عنوانها «التدبير المنزلى» وحصص أخرى عديدة تستهدف التوعية بكيفية إدارة البيوت.. ثمة أجيال تذكر أيضاً أن أحد كتب القراءة أو النصوص كان يشتمل على نص تحت عنوان: «وصية أم لابنتها قبل الزواج» يشتمل على 10 نصائح تقدمها الأم للابنة فبل أن تذهب إلى بيت زوجها.. وأظن أن هذا النص غير موجود حالياً ضمن مقررات اللغة العربية فى مرحلة التعليم الثانوى.
وتقديرى أن التركيز فى النصح على الابنة لم يكن يعد تحيزاً من جانب واضعى المناهج فى الماضى، فالزوجة هى رمانة الميزان داخل الأسرة، وهى دوماً القادرة على ضبط إيقاع الحياة المنزلية.. والسؤال أين دور المدارس فى التوعية بهذه الأدوار الآن؟
لو كان التأهيل يتم بدورة لهانت الأمور، ولكان من الممكن استيعاب فكرة الزواج بشهادة، إعمالاً للمبدأ المصرى العتيد: «بلد شهادات صحيح».