توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التغريد بـ«الثانية»

  مصر اليوم -

التغريد بـ«الثانية»

بقلم: د. محمود خليل

«شال معزة، زور، قال الحقونى بالتانية».

أظن أن كثيراً من الأزواج سمعوا هذا المثل المصرى الشهير من أمهاتهم فى لحظة تفكير فى الزواج على «مراتاتهم»، فترد الأم بتسميع هذا المثل للابن، الذى ينوء ظهره بمسئولية زوجة واحدة أنجب منها أبناء يحمل المسكين عبء رعايتهم وتربيتهم وتلبية احتياجاتهم، ثم يغرد بأنه يريد الزواج بثانية.

الأديان تشرع الأحكام لتنظيم بعض جوانب الحياة، وتضع لكل تشريع ضوابطه، لكن تفعيل الحكم فى الواقع أساسه الظرف والسياق الاقتصادى والاجتماعى الذى يعيش فيه الإنسان. يظهر ذلك كأوضح ما يكون فى مسألة تعدد الزوجات فى الإسلام. كلنا يعلم أن الله تعالى شرط التعدد بالعدل: «فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا».

بعض المفسرين الشكلانيين ربط ما بين العدل والإعالة، فذهبوا إلى أن «لا تعولوا» معناها ألا تظلموا أو تجوروا أو تحيدوا عن العدل، أما التفسير الموضوعى فيبين الوجه الاقتصادى والاجتماعى للمسألة. فالعيلة فى القرآن معناها الفقر: «وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله».. «ووجدك عائلاً فأغنى». وأى مسلم يفهم أن لفظ «تعولوا» يرتبط بـ«كثرة العيال» وما يتعلق بذلك من مسئوليات. وكثرة الأولاد تتعلق فى جانب منها بتعدد الزوجات.

وأظن أن تناول النص التشريعى بعيداً عن سياقات الواقعين الاقتصادى والاجتماعى يعد اعتسافاً للأمور، خصوصاً أن الآية التى تحمل هذا النص ربطت التشريع بالظرف الاقتصادى الاجتماعى (الإعالة).

وفى حال توافرت القدرة الاقتصادية والاجتماعية فيبقى التشريع مقيداً بفكرة العدل بين الزوجات، ومع فرض وجود العدل، فمن المهم أن يحذر صاحب القدرة من أن تتحول المسألة إلى لعب ولهو وتفاخر.. يقول الله تعالى: «اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر فى الأموال والأولاد».. هذه الآية الكريمة تحذر من أن تتحول لعبة الإنجاب وكثرة العيال -وهى ترتبط بالتعدد- إلى أداة للهو والتفاخر، ويردنا ذلك إلى أصل القاعدة التى تربط التشريع بالسياق الاقتصادى/ الاجتماعى، خصوصاً أنها ربطت ما بين التكاثر فى «الأموال والأولاد».

عندما تنضج المجتمعات تضع النصوص التشريعية فى إطار الفهم الصحيح، وتستوعب الضوابط الاجتماعية والاقتصادية التى تحكم تطبيقها والأخذ بها. والمراجع للعديد من الأحكام الإسلامية سيجد أنها تؤكد على مسألة القدرة، فالحج يشترط فيه القدرة المالية والصحية، والزكاة مشروطة بالامتلاك لمدى زمنى محدد، وتعدد الزوجات مشروط بالعدل والضرورة، بحيث لا يتحول الأمر إلى سفه وتفاخر، وقِس على ذلك.

المثل الذى دأبت الأمهات والجدات على السخرية فيه من الزوج الذى يفكر فى الزواج على أولاده يعكس نضجاً اجتماعياً واضحاً، حين يربط المسألة بالقدرة والظرف، وحين يشير إلى أن حمل زوجة واحدة بات ينوء به ظهر الرجل، ويتحمل الكثير (اقتصادياً واجتماعياً) حتى يقوى عليه، ولا بدَّ أن منظره سوف يكون مضحكاً وهو يبحث عن حمل جديد، مؤكد أنه لن يزور فقط تحته، بل سينخ حتى يلامس أنفه التراب.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التغريد بـ«الثانية» التغريد بـ«الثانية»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

GMT 09:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:45 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

فجر السعيد تفتح النار على نهى نبيل بعد لقائها مع نوال

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 20:43 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الأمير هاري يتحدث عن وراثة أبنائه جين الشعر الأحمر

GMT 20:11 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تكريم توم كروز بأعلى وسام مدني من البحرية الأميركية

GMT 09:56 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 12:18 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

الروح والحب والإخلاص " ربنا يسعدكم "

GMT 23:59 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق مبدئي على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا

GMT 18:11 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

3 تحديات تنتظر الزمالك قبل غلق الميركاتو الصيفي

GMT 07:33 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

"سيسيه يؤكد رفضت عروضا من أجل البقاء مع "الاتحاد

GMT 05:59 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

محمد النني يقترب من الدوري السعودي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon