توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مؤمن «آل فرعون»

  مصر اليوم -

مؤمن «آل فرعون»

بقلم: د. محمود خليل

احتجاج الرجل المؤمن من آل فرعون بموقف قومه من نبى الله يوسف من الأمور التى تستحق التذكير بها.

فى هذا السياق سنجد أنه خلافاً لطريقة حكى قصص كثير من أنبياء الله تعالى داخل القرآن الكريم احتضنت قصة نبى الله يوسف عليه السلام سورة واحدة، هى سورة «يوسف». ورد اسم «يوسف» خارج سياق هذه السورة مرتين، سنتوقف أمام إحداهما، وهى تلك التى وردت فى سورة «غافر» وذلك فى قوله تعالى: «وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِى شَكٍّ مِّمَّا جَاءَكُم بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللهُ مِن بَعْدهِ رَسُولاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ».

ارتبط السياق العام للآية الكريمة بسلسلة النصائح الذهبية التى وجهها «مؤمن آل فرعون» إلى قومه حين اشتد الخلاف بين موسى وفرعون. وتؤشر الآيات الكريمة التى احتضنت هذا المشهد إلى أن «مؤمن آل فرعون» كان يعمل فى البلاط الفرعونى، وكان مؤمناً بموسى، لكنه آثر أن يكتم إيمانه، ولم يمنعه الكتمان من أن يتوجه إلى قومه بالنصح.

المعنى فى الآية الكريمة واضح، فقد أراد الرجل أن ينبه آل فرعون إلى موقفهم السابق من نبى الله يوسف حين جاءهم بالبينات (الأدلة والحجج على وحدانية الله) فشككوا فى أمره واتهموه وأنكروا عليه ما يقول. وظل موقفهم منه طيلة حياته على هذا النحو، ولما مات عليه السلام انتقل موقفهم من النقيض إلى النقيض فعظّموه وبجّلوه واعترفوا بنبوته وتمسكوا بها إلى حد أن قالوا «لن يبعث الله من بعده رسولاً».

لقد أراد «مؤمن آل فرعون» أن ينبههم إلى قياس موقفهم الحالى من نبى الله موسى بموقفهم السابق من يوسف عليه السلام، ولفت نظرهم إلى أنهم يتعاملون مع موسى بذات الطريقة التى تعاملوا بها مع يوسف من قبل، وكأن لسان حاله يسأل: هل تنتظرون أن يموت موسى حتى تعترفوا برسالته ونبوته؟ وتختتم الآية الكريمة بفكرة أن التشكك فى غير محله يُفضى إلى الضلال. الشك مطلوب من أجل الوصول إلى قناعة متماسكة، لكن الإفراط فيه ضلال.

مؤكد أن الفراعنة بنوا حضارة ما زال العالم متحيراً فى كشف خباياها وأسرارها حتى الآن. ويخطئ من يظن أن القرآن الكريم تبنى موقفاً سلبياً منهم. القرآن توقف أمام نماذج محددة من التاريخ الفرعونى المديد عبّرت عن حالات شاذة فى التفكير والنظر إلى الأمور، مثلما كان الحال بالنسبة لفرعون موسى، لكن القرآن الكريم تناول بتفصيل أكبر النموذج المضىء الذى قدمه «مؤمن آل فرعون» (وذلك فى سورة غافر). وأكد على انتمائه إلى أرضه وعصره بل ووجوده ضمن أعضاء البلاط الفرعونى، ووصف الكيفية التى توقف بها أمام الخلل الذى أصاب تفكير جماعة من قومه، يدمنون التشكيك فى الشخص وهو على قيد الحياة، وعندما يرحل إلى خالقه يمطرونه بالمديح الذى يبلغ حد التقديس.

أمثال الرجل المؤمن من آل فرعون كانوا أساس الحضارة التى حيرت العالم، فى حين بدا المشككون أكثر شغفاً بالضلال، وأميل إلى مجاراة فرعون فى تفكيره، فكانت النهاية الغرق معه.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مؤمن «آل فرعون» مؤمن «آل فرعون»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon