توقيت القاهرة المحلي 14:42:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نجيب محفوظ.. من الرمز إلى المنصة

  مصر اليوم -

نجيب محفوظ من الرمز إلى المنصة

بقلم: د. محمود خليل

أول ما يلفت نظر القارئ فى رواية «أولاد حارتنا» للعالمى نجيب محفوظ هو اعتماده على الرمز، خلافاً لرواياته التى سبقت ثورة يوليو 1952، والتى غلب عليها رسم صورة دقيقة للمجتمع المصرى وتحولاته، وأنماط استجابته للأحداث المختلفة التى يشهدها. ثلاثية نجيب محفوظ أبرز مثال على هذا التوجه فى الكتابة.

آثر «محفوظ» الابتعاد عن «المباشرة» التى تعوَّد عليها وهو يرصد حركة المجتمع بعد ثورة يوليو، ولجأ إلى الرمز، واستدعى صراع البشر من أجل الحياة العادلة، منذ آدم عليه السلام وحتى عصر العلم والمعرفة. وكان العدل الذى تبحث عنه الشخصيات الإصلاحية داخل «أولاد حارتنا» متناغماً مع الرؤية الاجتماعية لنجيب محفوظ للحارة (المجتمع) التى سادها الظلم، وسحق الضعفاء.

وتستطيع أن تجد تفصيلاً أكبر لدفاع نجيب محفوظ عن الفقراء وهم يصارعون الحياة من أجل «لقمة العيش» فى ملحمة «الحرافيش» التى تنتهى بصرخة «عاشور الصغير» -البطل العاشر من أبطال الملحمة- وهو يعظ الحرافيش بأن الكرامة هى أساس العيش.

صورة رمزية أخرى لواقع الحياة فى مصر رسمها «محفوظ» فى رواية «ثرثرة فوق النيل» (1966). وهى تعرض لمجموعة من الشخصيات التى قررت الهروب من الواقع عبر الدخول فى «غيبوبة الحشيش». ولو أنك فتشت فى سطور الرواية عن الأسباب التى دفعت أبطالها إلى ذلك فستجد أنها تتحلق حول فكرة «الإحساس بالفشل» المغروس فى نفوس الجميع، رغم ما يتمتعون به من نجاح ظاهرى.

فهناك الناقد الحائر بين جذوره المحافظة فى الريف والحياة التى يعيشها فى القاهرة، والموظف الذى يلعن الوظيفة التى يعبد أصحابها «إله الأقدمية» ويأمل كل موظف منهم أن يزيح من يسبقه من طريقه حتى يتمكن من الولوج إلى جنة «الترقية» أو الحصول على «حافز». والفنان الشهير الذى تنغص وظيفة أبيه «الحلاق» ما وصل إليه من مجد عبر ما يقدمه من أعمال تافهة، والصحفية التى تبحث عن فكرة لمسرحية جديدة قررت كتابتها.

ظلت شخوص الرواية على إدمانها للهروب من الواقع حتى واجهت لحظة حقيقة، حين دهست سيارتهم إحدى الفلاحات فى الطريق إلى «سقارة». حاول بعضهم -كما تعود- الهروب من الجريمة التى شاركوا فى ارتكابها، لكن الحدث هذه المرة كان مزلزلاً، ولم يكن من السهولة بمكان القفز عليه بالتحليق مع دخان الحشيش المتصاعد. الهروب أصبح جريمة أكبر وأخطر من جريمة القتل، وحانت لحظة المواجهة. الحكى داخل الرواية كان يؤشر -بصورة رمزية- إلى النكسة التى واجهتها مصر عام 1967.

عاد نجيب محفوظ إلى التعبير المباشر عن أوجاع المجتمع المصرى وحركته أوائل السبعينات. يمكنك أن تستدل على ذلك من رواية «الحب تحت المطر» التى صدرت عام 1973، وعالجت نكسة 1967 وما فعلته بالمجتمع المصرى بصورة مباشرة، وكيف أن الجميع سقط فى اللحظة التى تمكن فيها العدو من النيل من البلاد واحتلال أرضها.

أيضاً تتحقق هذه العودة فى الرواية القصيرة «يوم قتل الزعيم» والتى تحكى عن مصر السبعينات وما مرت به من تحديات، بدءاً من الصراع على الحكم عام 1971 (قضية مراكز القوى)، وحرب التحرير فى 6 أكتوبر 1973، ثم الانفتاح الاقتصادى بدءاً من عام 1974، ثم انتفاضة يناير الشهيرة 1977، وانتهاء باستشهاد السادات فى حادث المنصة 1981.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نجيب محفوظ من الرمز إلى المنصة نجيب محفوظ من الرمز إلى المنصة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon