توقيت القاهرة المحلي 14:45:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأسطوانات الشعبية

  مصر اليوم -

الأسطوانات الشعبية

بقلم :د. محمود خليل

الجماعات المؤدلجة لا تتغير. فالجماعة المؤدلجة تملك مجموعة ثابتة من الأفكار والتصورات حول الواقع توقن بها يقينا قطعياً. وتيار الإسلام الجماعاتى يقع فى سياق هذه الفئة من الجماعات.

فى أحوال يبدو للبعض أن هذه الجماعات تقدم أفكاراً جديدة عن المرأة أو عن الانفتاح على الآخر أو عن الأخذ بمعطيات العصر، تعكس نوعاً من التحول فى رؤيتها أو نظرتها، وهذا البعض يعانى فى تقديرى من نوع من خداع البصر.

فالمرونة التى تبديها الجماعات الجامدة على رؤى معينة لا تعدو أن تكون نوعاً من المناورة، أو قُل نوعاً من البراجماتية التى تستهدف تحقيق أهداف مرحلية مؤقتة، سرعان ما تعود بعدها إلى ما كانت عليه من جمود.

قبل ثورة 25 يناير 2011 كانت الجماعات السلفية، على سبيل المثال، ترى أن الديمقراطية ليست من الإسلام، الذى تحدث فقط عن الشورى. والشورى من وجهة نظر الإسلاميين مسألة محصورة فى أهل الحل والعقد، ويقصد بهم بالمصطلح الحديث البطانة التى تحيط بالحاكم، كما أنها غير مُلزمة، بمعنى أن من واجب الحاكم أن يستمع إلى رأى أهل الحل والعقد فى المسائل المختلفة، لكنه غير ملزم بالأخذ به، لأن القرار النهائى حكر عليه وحده.

ولكى نكون منصفين، فهذه الطريقة فى التفكير ليست مقصورة على المنتمين إلى تيار الإسلام الجماعاتى وفقط، بل قد تمتد إلى مجموعات تؤمن بأفكار أو رؤى أو تصورات مغايرة تماماً. فالجمود واحد وإن تعددت أشكاله وصوره.

قادة الحملة الفرنسية على مصر (1798- 1801) بزعامة نابليون كانوا ينتهجون هذا النهج، فـ«نابليون» دخل على الشعب المصرى بالعمامة والمسبحة وقال لهم إنه الرجل الذى اختاره الله ليأتى من الغرب إلى الشرق المسلم ليرفع راية القرآن ويعيد إلى دولة الخلافة هيبتها وقوتها.

منشورات «هتلر» التى راجت فى حياة المصريين خلال الحرب العالمية الثانية، كانت تقول للناس إن رجاله فى الطريق لتحرير مصر من الاستعمار الإنجليزى، كما راج بين البسطاء من المصريين أن هتلر قد أسلم، وأنه يريد أن يعيد للإسلام مجده.

إنها ألعاب السياسة ومراوغات الساسة ومحاولتهم تسكين الشعوب بإسماعهم الأسطوانة التى يودون سماعها، تماماً كما يفعل تيار الإسلام الجماعاتى، فالدين يشكل مكوناً مهماً من مكونات الثقافة الشعبية، وبالتالى يمثل الطريق الأقصر للنفاذ إلى الناس عبره، حتى إذا تحقق المراد اعتمد حكم المؤدلجين وأسلوب إدارتهم على تهميش الشعب.

والأصل فى تهميش الشعوب هو عدم الإيمان بقدراتها والنظرة العلوية إلى أفرادها، فمن وجهة نظر المؤدلجين أن هؤلاء الأفراد لا يعرفون صالحهم ولا مصلحتهم، وبالتالى فعليهم أن يسمعوا ويطيعوا.

مشكلة هذه الطريقة فى التفكير أنها لا تؤدى إلى نجاح، لأن قدرة أى مجموعة سياسية على تحقيق أهدافها فى الواقع المَعِيش ترتبط بنجاحها فى إقناع أفراد الشعب بالمشاركة، فالمشاركة هى التى تؤدى إلى التطوير، ودفع عجلة الحياة إلى الأمام، وليس إلى الخلف.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأسطوانات الشعبية الأسطوانات الشعبية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 13:16 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon