توقيت القاهرة المحلي 18:36:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كركت.. يكركت.. كركتة

  مصر اليوم -

كركت يكركت كركتة

بقلم - د. محمود خليل

من أقدم الكتب التى حذرت من الاستخدام السلبى للتطورات التكنولوجية المذهلة التى شهدتها البشرية مع نهايات القرن العشرين كتاب «عقل جديد لعالم جديد».

يفترض مؤلفا الكتاب «روبرت أرنشتاين وبول إيرليش» أن عقل الإنسان لم يتطور بالدرجة نفسها التي تطورت بها معطيات تكنولوجيا الحياة المحيطة به.

وأظن أنك لو طبقت هذه الفرضية على مجتمعنا، وكثير من المجتمعات الأخرى المحيطة بنا أو المشابهة لنا فى الظروف، فستجد فيها تفسيراً لحالنا إلى حد كبير.

يشير المؤلفان إلى أن الإنسان المعاصر أصبح ميالاً إلى كركتة العالم والأحداث التى تقع فيه أكثر من أية لحظة مضت، فما أكثر ما يتحول «التافه» إلى «مهم»، و«الحبة» إلى «قبة»، وهو يهمل فى مقابل ذلك ما يتوجب عليه الاهتمام به، فمثلاً يمكن أن يقيم مجتمع الدنيا ويقعدها حول طبيب استذل ممرضاً، لأن الأخير أهان كلبه، فتنطلق وسائل الإعلام لتتحدث عنه، ويصبح التريند السائد على مواقع التواصل الاجتماعى لعدة أيام، فى وقت لا يبدى فيه الاهتمام المطلوب بأحوال الممرضين وأوضاعهم وتأثير ذلك على أدائهم.

أيضاً حين تجد المجتمع ينقلب على طفل صغير يريد النوم «ربع ساعة» فى أول يوم دراسى له، ويهمل أوضاع المدارس والتعليم، وسوء تغذية الأطفال وغير ذلك.هذه الأمثلة وغيرها تقدم لك نموذجاً على منهجية «الكركتة» حين تسيطر على المجتمع، ويتشابه تفكير أفراده مع الطريقة التى يتعامل بها رسام الكاريكاتير مع شخصياته، حين يبالغ فى تضخيم ملمح من ملامح الوجه، فيجعله الأبرز لتختفى خلفه بقية التفاصيل.

و«الكركتة» يمكن أن تحدث بطرق أخرى حين يتم تضخيم شخص على حساب الموضوع، تجد أمثلة عديدة لذلك فى عالم الكرة، حين يغرق الإعلام والتواصل فى تناول أداء هذا اللاعب أو ذاك، وتحتشد مصاطب الكلام بالمتكلمين اللائمين على المدرب الذى لا يعتمد على القدرات المذهلة والموهبة المتفجرة التى يتمتع بها، مهملين أن كلامهم مجرد انطباعات، مقارنة بما يعتمد عليه المدربون الذين ينهجون نهجاً علمياً فى عملهم، فيختارون اللاعبين تبعاً للتحليل الموضوعى للأداء، وهو تحليل يقوم به متخصصون، يعتمدون على برامج علمية وكمبيوترية معتبرة فى صناعة القرار.

«الكركتة» إذن هى وسيلة من وسائل صناعة الوهم، وبالتالى فهى إحدى الأدوات البارزة لـ«صناعة التفاهة»، وهى تصبح خطيرة التأثير على المجتمع حين تفقده القدرة على ترتيب أولوياته بالصورة التى تحل مشكلاته، إنها فى هذه الحالة أداة لتكريس المشكلات وتعميقها أكثر داخل الواقع العام.

وقد تأخذ صورة أخرى تتعلق بالدفع بالتافهين إلى الأمام، فيتم تزيين السيئ، وتهميش الجيد، بل واغتياله معنوياً، من أجل المحافظة على منسوب معقول من الرداءة، يجعل المجتمع يغرق فى مستنقع الرداءة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كركت يكركت كركتة كركت يكركت كركتة



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon