توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الغلام.. والأداء

  مصر اليوم -

الغلام والأداء

بقلم - محمود خليل

 

لا يوجد في آيات القرآن الكريم إشارة مباشرة إلى تلك الحكاية التي ذكرها المفسرون في علاقة موسى بفرعون مصر، تلك التي تقول أن العرافين أخبروا فرعون بأنه سيولد في بني إسرائيل غلام تكون نهاية ملكك على يديه.

النص القرآني صريح في أنه يحكي لنا الرواية الحقيقية لما حدث: "نتلو عليك من نبأ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون".

الإشارة إلى موضوع الغلام جاءت بشكل غير مباشر، في مقابل التركيز بشكل كامل على "أداء فرعون" عند شرح الأسباب التي أدت إلى تهاويه.مفتاح الحقيقة فيما حدث بين موسى وفرعون ارتبط بعلاقة ملتبسة نشأت بين طرفين الأول: هم المسيطرون وعلى رأسهم فرعون، والثاني هم المستضعفون الذين كان من بينهم نبي الله موسى.

أداء فرعون -زعيم المسيطرين- كان يبشر بالنهاية، ويدلل على أنه يقبع على رأس تركيبة حكم فقدت صلاحيتها، وتجاوزها الزمن. يقول الله تعالى: "إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعاً يستضعف طائفة منهم يذبح أبنائهم ويستحيي نسائهم إنه كان من المفسدين".

فرعون علا في الأرض.. ومعنى العلو أن ينظر الإنسان حوله فلا يبصر إلا نفسه. إنه ببساطة يعتبر نفسه في منطقة أخرى غير تلك التي يقبع فيها المجموع، منطقة يحلق فيها إلى أعلى فوق رؤوس الجميع، ولا خلاف على أن تمكن هذا الإحساس من نفس فرد لابد وأن يؤثر على أدائه مع المجموع.. فماذا تتوقع من سيد يشعر بالعلو عندما يتعامل مع من هو دونه؟ الأداء القائم على الاستكبار والإحساس بامتلاك مصائر البشر يؤدي إلى التعامل غير المنضبط معهم، لأنه يكرس داخل صاحبه الإحساس الكبير بفائض القوة، ويدفعه إلى النظر للآخرين كمجموعة من المستضعفين.

لم يكتف فرعون بناء علاقته بالمجموع على قاعدة "العلو والاستكبار"، بل اتجه إلى فكرة التمييز في التعامل معهم، وفرح بفكرة تقسيمهم إلى فئات (شيع)، يكون لبعضها الحظوة والقيمة، ويكون للأخرى الحرمان والقهر والمحاصرة، والمقصود في الآية القرآنية الكريمة "بنو إسرائيل" الذين وجه فرعون إليهم آلة بطشه، فكان يتخلص من أبنائهم ، ويترك الأمهات أحياء، يعانين قسوة فقد فلذات أكبادهم.. وهنا تجد الإشارة غير المباشرة إلى الفرضية التي بنى عليها المفسرون ما ردده حول نبوءة العرافين بميلاد غلام من بني إسرائيل ينتهي على يديه ملك فرعون.

وقد كان فرعون يعتمد على السحرة، وربما اعتمد أيضاً على المنجمين، ويضيف هذا التوجه بعداً جديداً إلى مسألة الركاكة في الأداء، بسبب بعده عن العقلانية، واستغراقه في الأحاديث الفارغة.إنه الأداء الذي تلخصه كلمة "مُفسد"، والله تعالى وصف فرعون في ختام الآية: "إنه كان من المفسدين".

والأداء المفسد لا يستند إلى معايير الحق والعدل والإنسانية، بل إلى الغرور والكبر والعلو والتمييز ما بين البشر، وهو لا يعبر عن مجرد تفكير فاسد، أو إرادة فاسدة لصاحبه، يل يؤدي إلى إفساد الواقع ككل، وإفساد البشر الذين يسعون فوق مسرحه، فكلما اتسع خلل الأداء داخل مجتمع زادت مساحة الفساد بين أفراده.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الغلام والأداء الغلام والأداء



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

GMT 09:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:45 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

فجر السعيد تفتح النار على نهى نبيل بعد لقائها مع نوال

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 20:43 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الأمير هاري يتحدث عن وراثة أبنائه جين الشعر الأحمر

GMT 20:11 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تكريم توم كروز بأعلى وسام مدني من البحرية الأميركية

GMT 09:56 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 12:18 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

الروح والحب والإخلاص " ربنا يسعدكم "

GMT 23:59 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق مبدئي على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا

GMT 18:11 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

3 تحديات تنتظر الزمالك قبل غلق الميركاتو الصيفي

GMT 07:33 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

"سيسيه يؤكد رفضت عروضا من أجل البقاء مع "الاتحاد

GMT 05:59 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

محمد النني يقترب من الدوري السعودي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon