توقيت القاهرة المحلي 02:14:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

"محراب النمل"

  مصر اليوم -

محراب النمل

بقلم - محمود خليل
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

الصمت العاجز أحياناً ما يكون أحسن دواء في مواجهة من لا يقدر عليه البشر، تستطيع أن تستخلص ذلك من تلك القصة التي عاشها المصريون مع أحمد بن طولون.

وهو نموذج للولاة الذين عاشوا حياتهم كلها يطلبون مستحيلاً.تبدأ القصة بدخول "ابن طولون" إلى مصر، والياً عليها، من قبل الخليفة العباسي "المستعين بالله" مكان أحمد بن محمد المدبر.

يقول "ابن إياس" أن "ابن طولون" لما دخل مصر كان ضيق الحال، يحتقره من يراه.

الواضح أن الرجل دخل البلاد فقيراً بلا مال وانعكس ذلك على ما يأكل وما يشرب وما يلبس، إلى درجة أن رق لحاله أحد أعيان البلاد، فنفحه 10 آلاف دينار يدبر بها أموره، وينعش أحواله.ويبدو أن سيرة الرجل حكمها قانون "النفحات"، فبعد النفحة التي نفحه بها الثري المصري، إذا به يعثر على كنز من كنوز الفراعنة ملىء بالذهب، فرح به أشد الفرح، وبنى بجزء منه مسجده الكبير المسمى باسمه (مسجد أحمد بن طولون).

وهو مسجد شديد الفخامة، بناه الوالي فوق جبل يشكر، بتكلفة تزيد عن 120 ألف دينار (ذهب)، واستغرق بناؤه حوالي 3 سنوات (من سنة 263 هجرية- 266 هجرية).

وبات يحلم بعد إتمام العمل بالمصريين يتزاحمون على الصلاة فيه.

فوجىء "ابن طولون" بالمسجد فارغاً من البشر، لا يريد أحد أن يصلي فيه، فقد احتار الناس في أمر الوالي، كيف وهو الذي دخل مصر بالأمس فقيراً مفلساً يبني مثل هذا البناء الضخم الذي تكلف عشرات الآلاف من الدنانير، سأل الضمير العام: من أين لك هذا؟ ولما لم يجد إجابة شافية انتهى إلى أن الوالي لابد وأنه بنى المسجد من مال حرام، وبالتالي لا يصح الصلاة فيه.

وصل الخبر إلى الأمير أحمد، فخطب في الناس، وحلف أمامهم بالله العلي العظيم أنه ما بنى الجامع من فلوس حرام، وإنما بناه من كنز عثر عليه عند سفح الهرم.

لم يكن المال الحرام هو العامل الأوحد الذي صرف الناس عن الصلاة في مسجد "ابن طولون"، فقد أضاف البعض سبباً آخر، وهو "ضيق قبلته"، فخطب "ابن طولون في الناس وحكى لهم حكاية عجيبة ملخصها أن النبي صلى الله عليه وسلم وأمره أن يبني القبلة على هذا النحو، وخط له في الأرض صورة ما يعمل، فلما استيقظ من نومه ذهب إلى الموضع فوجد النمل قد طاف على الخط الذي حدده النبي، فلم يملك أن يزيد عليه.. ولذلك سمي محراب المسجد "محراب النمل"!.

راجت هذه الأسباب وغيرها على ألسنة الأجيال التي تعاقبت من المصريين، وهي كلها لا تنهض كأسباب موضوعية لتفسير عزوف الناس عن الصلاة في مسجد الوالي حين أنشأه، إذ الأرجح أنهم كانوا يمارسون بذلك نوعاً من الرفض الصامت لأداء "ابن طولون".. ومن العجيب أن هذا الرفض ما زال متواصلاً حتى اللحظة، إذ يعد مسجد أحمد بن طولون من أقل المساجد التي يقبل المصريون على الصلاة فيه، رغم ما يتمتع به بنيانه من ثراء واتساع وعظمة!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محراب النمل محراب النمل



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:09 2024 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

مميزات كثيرة لسيراميك الأرضيات في المنزل المعاصر

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

بوجاتي تشيرون الخارقة في مواجهة مع مكوك فضاء

GMT 05:50 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

تسلا تنشر صور للشاحنة سايبرتراك باختبار الشتاء

GMT 13:06 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي عضو لجنة تحكيم الأفلام الطويلة بمهرجان الجونة

GMT 20:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

رسميًا إيهاب جلال مديرًا فنيا لنادي بيراميدز
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon