توقيت القاهرة المحلي 02:14:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«النجاشي».. وأزمة الانتماء

  مصر اليوم -

«النجاشي» وأزمة الانتماء

بقلم - د. محمود خليل

«أزمة انتماء» كبرى نشبت بين محمد صلى الله عليه وسلم وقومه بعد أن بعثه الله بالحق نبياً ورسولاً. فقد تعجب أهل مكة أن يخرج رجل منهم «من أنفسهم» ليصحح إيمانهم ويدعوهم إلى «عقيدة التوحيد».

يقول الله تعالى: «أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ». أنكر العرب على محمد دعوته وطرحوا سؤالاً عن انتمائه إلى ثقافة المكان التى راكمها الآباء والأجداد، وهى ثقافة متحلقة حول فكرة «الوثنية»، ورفع الأصنام فوق البيت الحرام، والتباهى على العرب بوجوده فوق تراب أرضهم، وموسم الحج الذى يرتبط به، ودوائر المصالح التى تبلورت حول هذه الثقافة، يضاف إلى ذلك حالة الانطلاق السلوكى -التى تصل إلى حد التفلت- والتى تكرست عبر ثقافة الآباء والأجداد، فأباحوا لأنفسهم استعباد البشر، ووأد البنات، ومعاقرة الخمر، وإتيان صاحبات الرايات الحمر، وغير ذلك من مفاسد.

وقد تضخم السؤال حول «انتماء النبى» لدى أهل مكة، حتى احتل كل ذرة فى تفكيرهم، حين أمر النبى صلى الله عليه وسلم أصحابه بالهجرة إلى الحبشة، فراراً من اضطهاد المكيين لهم، وصوناً لأنفسهم من الفتنة فى دينهم. كانت الحبشة تمثل بالنسبة للعرب مركز عداء تاريخى، إذ لم ينسوا أن نجاشيها هو الذى وافق لأبرهة على غزو مكة -عام الفيل- وبارك مخططه لهدم البيت الحرام، وهى المؤامرة التى أحبطها الخالق العظيم بمعجزة سماوية منه.

وموقع البيت الحرام من نفوس أهل مكة معروف، سواء من الناحية الدينية، أو السياسية، أو المصالحية، لذلك فقد ارتجوا بعنف حين سمعوا أن محمداً أرسل أصحابه إلى النجاشى، وأخذوا يثرثرون بكلام ساذج عن أن محمداً يخطط لتحريض ملك الحبشة على غزو جزيرة العرب، حتى ينتقم من أهله الذين أنكروا دعوته.

بمرور الوقت أدرك عرب مكة حقيقة أن الهجرة إلى الحبشة لم تكن أكثر من عملية «فرار بالدين من أذى المشركين»، فالنجاشى لم يحرك جيوشه ويغزو بلادهم، بل على العكس تماماً استقبل الوفد الذى أرسلت به قريش لإعادة من فر من بنيها.

وثبت لهذا الوفد أن المسلمين المهاجرين لم يتصلوا بالنجاشى، رغم وصولهم إلى أرض الحبشة منذ مدة من الزمن، وكان أول لقاء جمعهم به، حين استدعاهم لمّا سمع عنهم من وفد قريش، وانتهت المفاوضات ما بين الطرفين إلى قرار بعدم تسليم «المهاجرين»، بل واحترام الرسالة التى يؤمنون بها، وموقفها من المسيح عليه السلام، حين أجابوا على سؤال «النجاشى»، حول نظرتهم الإيمانية إلى المسيح، فأجابوه بأنهم يؤمنون بأنه «كلمة الله وروح منه».

فى كل وقت كان العرب يشعرون أن محمداً صلى الله عليه وسلم منهم. حتى وهو يدافع عن نفسه ضدهم، كان منهم، هذا الدفاع الذى بدأ بموقعة بدر، وانتهى بموقعة فتح مكة، وقد وقف صناديد مكة وبسطاؤها بعد الفتح أمام محمد، فسألهم: ماذا تظنون أنى فاعل بكم؟ قالوا خيراً.. أخ كريم وابن أخ كريم، فقال صلى الله عليه وسلم: اذهبوا فأنتم الطلقاء.

لقد عاملهم كما عامل يوسف إخوته، رغم كل ما فعلوه معه، لأنه منهم.. وصدق الله العظيم إذ يقول: «لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«النجاشي» وأزمة الانتماء «النجاشي» وأزمة الانتماء



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:09 2024 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

مميزات كثيرة لسيراميك الأرضيات في المنزل المعاصر

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

بوجاتي تشيرون الخارقة في مواجهة مع مكوك فضاء

GMT 05:50 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

تسلا تنشر صور للشاحنة سايبرتراك باختبار الشتاء

GMT 13:06 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي عضو لجنة تحكيم الأفلام الطويلة بمهرجان الجونة

GMT 20:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

رسميًا إيهاب جلال مديرًا فنيا لنادي بيراميدز
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon