توقيت القاهرة المحلي 17:17:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إدارة «المستبد العادل»

  مصر اليوم -

إدارة «المستبد العادل»

بقلم - د. محمود خليل

تولى الدكتور هاشم فؤاد عمادة كلية طب قصر العينى لثلاث مدد متتالية، خلال الفترة من 1979-1987. طبعاً كانت العمادة بالانتخابات خلال هذه الفترة ولم تكن بالتعيين، وبالتالى اختار أساتذة كلية الطب رجلهم الذى يقود «قصر العينى»، ذلك المبنى الذى كان يمثل فى ذلك الوقت ما يمكن وصفه بـ«مؤسسة خارج السيطرة»، والمتتبع لأسلوب إدارة هاشم فؤاد لكلية الطب، حين كان عميداً لها، وما اقترن بذلك من حكايات يرددها من عاصروا التجربة، قد يستغرب كيف كان يختار أساتذة الطب شخصية بهذا الأداء الحاسم الصارم فى قيادتهم، وللعلم كان هاشم فؤاد عميداً فى وقت كانت الكلية تحتشد فيه بالعديد من الأسماء الكبيرة واللامعة فى تخصصات الطب المختلفة.

يستغرب المتابع حين يعلم أن الأساتذة اختاروا للعمادة شخصية كانت تذهب إلى الكلية فى السابعة صباحاً، وتبدأ فى التفتيش فى كل الأماكن، وتعاقب بداية على أى إهمال تلحظه من جانب العمال والموظفين، بدءاً من الملاحظات الخاصة بالنظافة، وانتهاءً بالملاحظات المتعلقة بالالتزام الوظيفى، وفى الثامنة يبدأ «فؤاد» فى التجول بين المدرجات للتأكد من انتظام المحاضرة الأولى فى كل الفرق الدراسية، ثم ينتقل إلى التجول بين أروقة الكلية، يذهب إلى الكافيتريات، وإذا وجد طالباً ترك المحاضرة إلى الكافيتريا يسحب الكارنيه الدراسى الخاص به، ويعاقبه تأديبياً إذا تكرر الفعل، كان يتدخل مباشرة بإلغاء المحاضرة التى يتأخر عنها الدكتور، ويتبع أسلوباً ممنهجاً ليضمن انضباط المحاضرات، فكان يكلف بالاتصال ليلة المحاضرة بكل أستاذ ليذكره بموعد محاضرته فى الغد. إجراءات أخرى عديدة كان يتخذها الدكتور هاشم فؤاد لضبط سير العملية التعليمية، أضف إليها إجراءات أخرى صارمة اتخذها الرجل لضبط الأداء داخل مستشفى قصر العينى الذى كان «الداخل إليه مفقود والخارج منه مولود»، سواء على مستوى الانتظام فى العمليات، والضبط والربط فى إجراءات علاج المرضى، وتوفير الأدوات والمستلزمات الطبية المطلوبة لذلك.. تُرى كم من مريض خف ألمه أو أُنقذت حياته بسبب هذه الإجراءات؟

حينما تجد أى كوادر مهنية قيادة جادة وملتزمة، وتطبق القواعد واللوائح والقوانين بشكل عادل على الجميع، وعلى نفسها قبل الجميع، فإنها ترضى بأسلوبها فى الإدارة حتى ولو كان فيه بعض الصرامة، وأحياناً القسوة، لأنها تنظر إلى النتائج الإيجابية على أرض الواقع فترضى عن الأسلوب، حتى ولو كان فيه بعض الاستبداد.. ألم يتحدث الشيخ الإمام محمد عبده عن «المستبد العادل» الذى يحتاج إليه الشرق؟ تكاد تكون شخصية هاشم فؤاد نموذجاً على ذلك المستبد العادل، فقد كان يمارس الإدارة بنوع من الاستبداد، لأن المشاكل التى كان يواجهها مستشفى «قصر العينى» كانت أكبر من أن يتم التعامل معها بالأخذ والرد. فالمشاكل كانت معروفة وعلاجها كان معروفاً، لكن الإدارات المتعاقبة على المستشفى لم تكن تمتلك الشجاعة الكافية لفرض الحلول، فظل الوضع على ما هو عليه لأجيال متعاقبة، وحين تولى هاشم فؤاد مسئولية المستشفى أبى إلا أن يواجه. استطاع حل بعض المشكلات، وواصل جهده على مدار ثلاث دورات عمادة متتالية، يجتهد فى مواجهة كل ما يستطيع مواجهته، تدعمه فى ذلك قاعدة عريضة من الأساتذة آمنت بأدائه الذى ينطوى على قدر من الاستبداد، لكن العدل يزينه.

رحم الله الحكماء الثلاثة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إدارة «المستبد العادل» إدارة «المستبد العادل»



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon