توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إدارة «المستبد العادل»

  مصر اليوم -

إدارة «المستبد العادل»

بقلم - د. محمود خليل

تولى الدكتور هاشم فؤاد عمادة كلية طب قصر العينى لثلاث مدد متتالية، خلال الفترة من 1979-1987. طبعاً كانت العمادة بالانتخابات خلال هذه الفترة ولم تكن بالتعيين، وبالتالى اختار أساتذة كلية الطب رجلهم الذى يقود «قصر العينى»، ذلك المبنى الذى كان يمثل فى ذلك الوقت ما يمكن وصفه بـ«مؤسسة خارج السيطرة»، والمتتبع لأسلوب إدارة هاشم فؤاد لكلية الطب، حين كان عميداً لها، وما اقترن بذلك من حكايات يرددها من عاصروا التجربة، قد يستغرب كيف كان يختار أساتذة الطب شخصية بهذا الأداء الحاسم الصارم فى قيادتهم، وللعلم كان هاشم فؤاد عميداً فى وقت كانت الكلية تحتشد فيه بالعديد من الأسماء الكبيرة واللامعة فى تخصصات الطب المختلفة.

يستغرب المتابع حين يعلم أن الأساتذة اختاروا للعمادة شخصية كانت تذهب إلى الكلية فى السابعة صباحاً، وتبدأ فى التفتيش فى كل الأماكن، وتعاقب بداية على أى إهمال تلحظه من جانب العمال والموظفين، بدءاً من الملاحظات الخاصة بالنظافة، وانتهاءً بالملاحظات المتعلقة بالالتزام الوظيفى، وفى الثامنة يبدأ «فؤاد» فى التجول بين المدرجات للتأكد من انتظام المحاضرة الأولى فى كل الفرق الدراسية، ثم ينتقل إلى التجول بين أروقة الكلية، يذهب إلى الكافيتريات، وإذا وجد طالباً ترك المحاضرة إلى الكافيتريا يسحب الكارنيه الدراسى الخاص به، ويعاقبه تأديبياً إذا تكرر الفعل، كان يتدخل مباشرة بإلغاء المحاضرة التى يتأخر عنها الدكتور، ويتبع أسلوباً ممنهجاً ليضمن انضباط المحاضرات، فكان يكلف بالاتصال ليلة المحاضرة بكل أستاذ ليذكره بموعد محاضرته فى الغد. إجراءات أخرى عديدة كان يتخذها الدكتور هاشم فؤاد لضبط سير العملية التعليمية، أضف إليها إجراءات أخرى صارمة اتخذها الرجل لضبط الأداء داخل مستشفى قصر العينى الذى كان «الداخل إليه مفقود والخارج منه مولود»، سواء على مستوى الانتظام فى العمليات، والضبط والربط فى إجراءات علاج المرضى، وتوفير الأدوات والمستلزمات الطبية المطلوبة لذلك.. تُرى كم من مريض خف ألمه أو أُنقذت حياته بسبب هذه الإجراءات؟

حينما تجد أى كوادر مهنية قيادة جادة وملتزمة، وتطبق القواعد واللوائح والقوانين بشكل عادل على الجميع، وعلى نفسها قبل الجميع، فإنها ترضى بأسلوبها فى الإدارة حتى ولو كان فيه بعض الصرامة، وأحياناً القسوة، لأنها تنظر إلى النتائج الإيجابية على أرض الواقع فترضى عن الأسلوب، حتى ولو كان فيه بعض الاستبداد.. ألم يتحدث الشيخ الإمام محمد عبده عن «المستبد العادل» الذى يحتاج إليه الشرق؟ تكاد تكون شخصية هاشم فؤاد نموذجاً على ذلك المستبد العادل، فقد كان يمارس الإدارة بنوع من الاستبداد، لأن المشاكل التى كان يواجهها مستشفى «قصر العينى» كانت أكبر من أن يتم التعامل معها بالأخذ والرد. فالمشاكل كانت معروفة وعلاجها كان معروفاً، لكن الإدارات المتعاقبة على المستشفى لم تكن تمتلك الشجاعة الكافية لفرض الحلول، فظل الوضع على ما هو عليه لأجيال متعاقبة، وحين تولى هاشم فؤاد مسئولية المستشفى أبى إلا أن يواجه. استطاع حل بعض المشكلات، وواصل جهده على مدار ثلاث دورات عمادة متتالية، يجتهد فى مواجهة كل ما يستطيع مواجهته، تدعمه فى ذلك قاعدة عريضة من الأساتذة آمنت بأدائه الذى ينطوى على قدر من الاستبداد، لكن العدل يزينه.

رحم الله الحكماء الثلاثة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إدارة «المستبد العادل» إدارة «المستبد العادل»



GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 08:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon