توقيت القاهرة المحلي 23:43:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ضرب الظالمين بالظالمين

  مصر اليوم -

ضرب الظالمين بالظالمين

بقلم - د. محمود خليل

عانى المصريون أشد المعاناة حين تمكن «نابليون بونابرت» من السيطرة على بلادهم خلال حملته الشهيرة (1801- 1803). فعلى مدار 3 سنوات متصلة مارس جنود الحملة لعبة الضغط الاستعمارى على الناس.

لم يلتفت إلى قليل ممن عاشوا هذه الحقبة إلى ما أحدثه الفرنسيون من تطويرات فى الواقع المصرى، فأغلب المصريين كانوا يرون أن الفرنسيين يطورون بعض الأوضاع فى البلاد من أجل أنفسهم -كطبقة حكم- وليس من أجلهم. ومن عادة الناس ألا تؤمن إلا بما يصب إيجابياً فى حياتها.

ثار المصريون مرتين ضد الفرنسيين، ولم يكن هدف من الثورة إخراج المحتل من البلاد، إذ لم يكن الاحتلال جديداً عليهم، بل قصدوا الاحتجاج على قرارات ظالمة، وأوضاع ضاغطة، وقف الاحتلال الفرنسى وراءها.

القاعدة التى تكاد تكون ثابتة عند المصريين أن الاحتلال يزيله احتلال، وبالتالى تجدهم كسالى عن التحرك للتخلص ممن يجثم على صدورهم ويرهق معيشتهم، وأشد ميلاً إلى الدعاء: «اللهم اضرب الظالمين بالظالمين.. وأخرجنا سالمين».

كان ذلك بالضبط هو موقف المصريين عام 1801، وهى السنة الأخيرة للاحتلال الفرنسى لمصر على يد «نابليون»، فقد كان الإنجليز وقتها يطوّقون الفرنسيين داخل مصر، بعد أن أفلحوا فى تحطيم أسطولهم فى موقعة أبى قير البحرية، والناس فى الشوارع تدعو الله بأن يمكّن الإنجليز من رقاب الفرنسيين، وأن يضربهم الله ببعضهم البعض، ويخرج أهل البلاد سالمين.

وحين خرج الفرنسيون من مصر كان هناك قناعة كاملة لدى المصريين أن الله تعالى سخر «الظالم الإنجليزى» لأهل البلاد كأداة لطرد «الظالم الفرنسى».

ولك أن تنظر فيما قاله «الجبرتى» فى توصيف هذه الواقعة التى عاصرها فى كتابه «عجائب الآثار فى التراجم والأخبار». يقول المؤرخ الشهير: «وإذا تأمل العاقل فى هذه القضية يرى فيها أعظم الاعتبارات والكرامة لدين الإسلام، حيث سخر الطائفة الذين هم أعداء للملة هذه (يقصد الإنجليز) لدفع تلك الطائفة ومساعدة المسلمين عليهم (يقصد الفرنسيين).

وذلك مصداق الحديث الشريف وقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر».. فسبحان القادر الفعال».

نحن هنا بصدد نموذج صارخ للاتكالية فى مسألة التغيير. فقد اتكل المصريون على «الفاجر» من أجل إخراج «الظالم» من البلاد، وفرحوا حين نجح فى ذلك، ويهمل أصحاب هذا النموذج أن «الفاجر» لم يكن يقل طمعاً عن «الظالم»، فكلاهما يريد نهب البلاد، وحرمان أهلها من خيراتها، وقد حاول الإنجليز احتلال مصر بعد 6 سنوات فقط من خروج الفرنسيين منها، وذلك فى الحملة التى قادها «فريزر» على مصر عام 1807، وأعادوا الكرة بعدها بعقود، حتى تمكنوا من السيطرة الكاملة على البلاد عام 1882.

النظرية العلمية تقول إن كل شىء يبقى على ما هو عليه من ثبات أو حركة ما لم يؤثر عليه مؤثر خارجى.. فلا يتوقع أحد أن يتغير شىء فى الحياة، أو يحدث فى الأمور أمور، ما دام الفرد واقفاً فى مكانه، لا يسعى إلى تحريك الأشياء، وينتظر التحرك من خارجه.

تظل الأشياء على حالها، لأن الإنسان يريد السكون، ويفضل الثبات فى المكان، لكن الله تعالى خلق الحياة وجعل التغير والتحول سمة أساسية من سماتها.

فلا شىء فيها يظل على حاله. عجلة الحياة تدور دائماً. وما أسرع ما تدهس المتجمدين فى أماكنهم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ضرب الظالمين بالظالمين ضرب الظالمين بالظالمين



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 09:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
  مصر اليوم - اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:57 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يصبح أول رئيس أميركي يبلغ 82 عاماً وهو في السلطة

GMT 02:39 2019 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

رانيا محمود ياسين توضح قطع علاقتها بالبرامج التليفزيونية

GMT 09:28 2021 الأربعاء ,11 آب / أغسطس

المصري يعلن انتقال أحمد جمعة إلى إنبي

GMT 02:20 2019 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

إيمي سمير غانم تكشف عن خلاف حاد مع زوجها تحول إلى نوبة ضحك

GMT 12:25 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

طريقة عمل أصابع الجبنة بالثوم

GMT 11:17 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

محمد صلاح يتخذ أولى خطوات الرحيل عن ليفربول

GMT 02:40 2020 الثلاثاء ,23 حزيران / يونيو

تفاصيل إصابة ابن ماما سناء بفيروس "كورونا"

GMT 01:56 2020 الإثنين ,22 حزيران / يونيو

طريقة عمل البوريك التركي بأقل التكاليف

GMT 21:12 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

إليسا تروج لحفلها اليوم في بث مباشر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon