توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سادة الدين والدنيا

  مصر اليوم -

سادة الدين والدنيا

بقلم - د. محمود خليل

كان من العجيب أن يتحدث «فريدريك دوجلاس» فى كتابه «مذكرات عبد أمريكى» عن مسألة العبادة، وكيف وظَّفها السادة الأمريكيون كأداة للسيطرة على العبيد، قبل الحرب الأهلية الأمريكية.

على مدار الأزمنة والأماكن اختلف الناس على أشياء عديدة، لكنهم اتفقوا -فى أغلبهم- على أن باب السماء مفتوح للجميع، وأن رحمة الله وسعت كل شىء.

قلة قليلة من البشر هى التى رأت أن باب الله لا يدخل منه إلا السادة المتميزون، وأن خلق الله من المستضعفين يجب أن تُغلق فى وجوههم أبواب دور العبادة.

يحكى «فريدريك دوجلاس» أن العبيد الأمريكان كانوا يُحرمون من دخول الكنيسة، وكأنه ليس من حقهم الصلاة والتقرب إلى الله.

إنها العنصرية المقيتة حين تصل إلى الدين، فيظن البعض فى أنفسهم حُراساً عليه ومسئولين عن دور عبادة الله، وأن لهم أن يمنعوا هذا منها، ويسمحوا لذاك بالدخول إليها، ناسين أن الله تعالى خالق كل البشر ورب الناس جميعاً، ولا يصح أن يتصور شخص أو مجموعة من الأشخاص أن من حقهم التأله على الله ومنح صكوك الغفران باسمه.

تكاد تتفق جميع الأديان على فكرة أن الدين علاقة تربط بين العبد وخالقه. فكل إنسان يؤمن بربه فى قلبه، والله تعالى هو الأدرى بأسرار القلوب، وهو الأعلم بإيمان البشر، وليس من حق أحد أن يتدخل فى العلاقة التى تربط قلب المؤمن بربه، والله تعالى هو الذى سيحاسب خلقه جميعاً، إن خيراً فخير، وإن شراً فعقاب وعذاب.

وما دام الإنسان محاسباً على عمله، فإن إيمانه يصبح مسألة خاصة بينه وبين خالقه.

وما دام الإنسان لا يملك لنفسه أو لغيره نفعاً ولا ضراً، ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً، فلا بد أن يسلم أمره لله كاملاً. وما دام الله تعالى قيوم السموات والأرض فيتوجب على الإنسان ألا يخشى أحداً إلا الله.

هذه المعانى لو رسخت فى قلب إنسان فمن المؤكد أنه سيخلص إلى حقيقة أساسية، ملخصها أنه إذا كان الله هو القادر والمالك والقيوم فإن الله تعالى هو «السيد»، السيد الوحيد الجدير بأن يخضع له الإنسان.

لقد كانت نظرة السادة الأمريكيين، كما يحكيها «فريدريك دوجلاس»، إلى مسائل الدين والتدين عجيبة للغاية، وكأنهم كانوا يريدون منع الأفارقة من العبودية لله، ليكونوا عبيداً لهم وحدهم.

فالعبودية الحقة هى عبودية لله، العبودية لله تمثل قمة العز والاعتزاز فى الحياة، أما العبودية لغير الله فخزى ومذلة وإهانة.

لقد كان السادة يعلمون أن العبودية الحقة لله لا بد أن تدفع صاحبها إلى الثورة على العبودية لغيره من البشر، وأن الإيمان الحق لا محالة دافع بصاحبه إلى الحرية.

كان السادة يخشون من تمكن قيم الدين من نفوس العبيد لأن ذلك يمثل خطراً عليهم، لذلك كانوا يسعون إلى منعهم من ارتياد دور العبادة، واعتبروا أنفسهم سادة لهم فى دينهم، كما هم سادة عليهم فى دنياهم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سادة الدين والدنيا سادة الدين والدنيا



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon