توقيت القاهرة المحلي 05:05:47 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تعليم أفندينا

  مصر اليوم -

تعليم أفندينا

بقلم :د. محمود خليل

أوضاع التعليم فى مصر تعبر عن أزمة قديمة متجددة.

عرفت مصر المدارس خلال فترة حكم محمد على صاحب تجربة بناء الدولة المصرية الحديثة، وبعده أخذ منحنى التعليم فى التأرجح ما بين الهبوط فى عصر عباس الأول، أشهر الحكام المنغلقين فى تاريخ مصر، والانحطاط الكامل فى عصر سعيد، أكثر حكامها إيماناً بأن قيادة شعب جاهل أسلس من قيادة شعب متعلم، والصعود فى عصر إسماعيل، أكثر حكامها شغفاً بالتحديث.

كانت المجانية أساس التعليم فى المدارس فى ذلك الوقت، ولم يكن دور المدرسة يقف عند توفير المدرسين ومستلزمات التعليم للتلميذ الذى يريد أن يتعلم، بل كانت المدرسة تطعمه وتكسوه أيضاً.

كانت الحكمة من توفير التعليم بالمجان استخدام المدارس كمفارخ لتعويد النشء على الحياة النظامية كوسيلة وحيدة لإعداد الأجيال الجديدة على نمط حديث ومختلف عن الحياة الفوضوية التى ورثها الآباء عن عصر الاضمحلال المملوكى والعثمانى.

كما أن إنفاق الدولة على التعليم كان له عوائد كبيرة على تجربة التحديث التى تبناها محمد على، فعلى أكتاف المتعلمين فى مدارس الوالى قامت نظم الإدارة الحديثة فى البلاد، وأنشئت الدواوين التى تحولت فيما بعد إلى وزارات، أخرجت مصر من وخم العصور الوسطى إلى نظم العصر الحديث.

كانت كل خطوة يخطوها محمد على جزءاً من رؤية كبيرة تبناها الرجل فى التحديث، وهى ذات الرؤية التى عمل عليها الخديو إسماعيل عندما حكم مصر وتبنى نظرية أن يصبح هذا البلد قطعة من أوروبا.

التعليم بالنسبة لأبرز الحكام فى عصر أفندينا مثّل ساحة استثمار من جانب الدولة، فهى تستثمر وتتكلف عبء تعليم أبنائها، لأن عوائد تعليمهم تصب عندها، حين يدخلون كتروس فى ماكينة التحديث.

حتى ذلك الوقت كانت المدارس فى مصر تخرج متعلمين حقيقيين، وكان خريجو المدارس ينخرطون بسرعة فى دولاب الدولة ليسد حاجتها إلى الموظفين والتكنوقراط.

ورغم ما قدمه إسماعيل للتعليم وهو كثير، فإن العديد من الظواهر السلبية التى ضربت ولا تزال تضرب التعليم حتى اللحظة ارتبطت بالفترة الأخيرة من حكمه، وهى الفترة التى شهدت الأزمة المالية العاتية التى عصفت بنظامه وأدت فى النهاية إلى الإطاحة به من الحكم.

خصص إسماعيل ميزانية للتعليم، بلغ مجموعها 67 ألف جنيه مصرى، وهو رقم كبير فى عصره، لكنه لم يكن كافياً لرعاية تجربة تعليمية متوسعة وصلت إلى تعليم البنات وإنشاء المدارس المتخصصة فى ذلك.

اقترح على مبارك «أبو التعليم فى مصر» فى ذلك الوقت إبطال مبدأ المجانية البحتة، وتكليف الأهالى بالإنفاق على تعليم أولادهم، وبادر بالفعل إلى إنشاء مدرستين بمصاريف شهرية.

ويبدو أن على مبارك نظر إلى حال الأسر التى تعلّم أبناؤها وكيف تحسنت أحوالها، فتحول عن وجهة النظر التى ترى التعليم استثماراً لا بد أن تقوم به الدولة لأن عوائده تصب عندها، إلى النظر إليه كاستثمار مشترك يستفيد منه الأسرة والدولة، وبالتالى لا بد أن يتشاركا فى تحمل عبء تكلفته.

فى ذلك التوقيت ظهرت المدارس بمصروفات (الخاصة فيما بعد) لأول مرة فى تاريخ التجربة التعليمية فى مصر، وذلك فى كنف الحكومة، وكان المتفوقون يستثنون من دفع المصاريف اللازمة لها.

تعليم أفندينا كان يتحرك برؤية، يستوى فى ذلك المجانى مع الخاص، لذا فقد كان لغرسه نتاج كبير الأثر فى حياة المصريين.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تعليم أفندينا تعليم أفندينا



GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 16:03 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

محاضرة فنية للاعبي الأهلي قبل مواجهة بيراميدز

GMT 17:40 2020 الإثنين ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

شمس البارودي تحسم الجدل حول مرض حسن يوسف

GMT 01:41 2020 السبت ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محاضرة نظرية من بيتسو موسيماني وتمرين خفيف للاعبي الأهلي

GMT 14:08 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

حبس لاعب الأهلي شادي رضوان لاتهامه بقتل سيدة خطأ

GMT 11:19 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

أتلتيكو مدريد يسعى لمداواة جراحه أمام سالزبورج النمساوي

GMT 07:18 2020 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الحديد في مصر اليوم الجمعة 16 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 19:16 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

أسعار الذهب في مصر اليوم الجمعة 25 سبتمبر 2020

GMT 22:31 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

البورصة الأردنية ترتفع 0.04% في أسبوع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon