توقيت القاهرة المحلي 17:17:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مسمط «نابليون»

  مصر اليوم -

مسمط «نابليون»

بقلم - د. محمود خليل

فى منطقة الناصرية انتعشت العديد من المحلات التى كانت تبيع «الحلويات» أو «الفواكه» -سقط الحيوانات سابقاً- من «سجق» و«لحمة رأس» و«كوارع» و«فتة» و«لسان» و«زور» و«عيون» و«عكاوى» وغير ذلك.

أصبح لهذه الأشياء ثمن بعد أن كانت تباع قبل هوجة الانفتاح بأرخص الأسعار، واشتهرت بين سكان القاهرة أسماء العديد من المسامط (جمع مسمط) التى كانت تقبع هناك فى «الناصرية»، تلك المنطقة التاريخية التى تقع داخل حى السيدة زينب.

والمسمط هو المكان الذى يتولى تنظيف وإعداد وعرض سقط الحيوانات للبيع.

خلال العقود الماضية بات حى «الناصرية» عاصمة الكوارع وفتة الكوارع وكافة لوازمها، والناصرية من أقدم المناطق الشعبية، وفوق صفحتها تفاعلت العديد من الأحداث التاريخية المهمة، منذ عصر السلطان الناصر محمد بن قلاوون وحتى عصر الحملة الفرنسية.

ظل حى الناصرية مسرحاً للعديد من الأحداث الفارقة فى تاريخ المصريين، لم يكن يتصور أحد من الذين شاركوا فيها أن هذا المكان سيتحول فى يوم ما إلى عاصمة لأشهر المسامط التى تعمل فى مصر.

فبالأمس احتضنت الناصرية المجمع العلمى الذى بناه نابليون بونابرت قائد الحملة الفرنسية على مصر (1798- 1801)، واختار له عدداً من بيوت المماليك بهذا الحى.

رسم الروائى القدير «صنع الله إبراهيم» مشهداً فى روايته «العمامة والقبعة» استدعى فيه صورة المجمع العلمى، كما حكى عنها «الجبرتى» فى «عجائب الآثار فى التراجم والأخبار».

توقف أمام بيت «قاسم بك» الذى خصصه الفرنساوية لأهل المعرفة، والعلوم الرياضية، والكتبة والحساب، وبيت حسن كاشف جركس، اليونانى الأصل، الذى شيده وزخرفه وصرف عليه أموالاً عظيمة من مظالم العباد، وقد أفردوه لصناعة الحكمة والطب الكيماوى، وفيه آلات تقاطير عديدة، وآلات تقاطير للمياه، وبيت إبراهيم كتخدا السنارى، وهو نوبى من أهالى دنقلة، كان بواباً بالمنصورة، ثم اتصل بالأمير مراد بك وتقرب إليه وأصبح من أعيان القاهرة، وخصص الفرنساوية البيت للمصورين (الرسامين) ومنهم أريجو الذى يصور الآدميين تصويراً يظن من يراه أنه بارز فى الفراغ مجسم.

شاء الله أن يرث الفرنسيون تلك البيوت الفارهة التى شيدها المماليك -كما يصف صنع الله إبراهيم- من مظالم العباد، ليستفيدوا من هذا الزخرف والمخملية، ولكن بشكل علمى، إذ استفادوا منها فى تشييد مجمع علمى أجروا فيه العديد من التجارب فى شتى المجالات، بما فى ذلك تجارب تتعلق بزراعة الأرض وتربية الطيور والحيوانات وغير ذلك.

ورغم استفادة مصر والمصريين من هذه التجارب والجهود العلمية -فى أزمنة لاحقة- ولا يعنى ذلك أن الفرنسيين أسسوا المجمع العلمى لخدمة مصر والمصريين، بل لخدمة مشروعهم الاستعمارى للبلاد، ليس أكثر.

وبعد خروج الفرنسيين من مصر، انتقل مقر المجمع إلى الإسكندرية لعدة سنوات، ثم عاد إلى القاهرة، ليحتضنه شارع قصر العينى، وقد شاء الله بعد خروج الفرنسيين بما يقرب من 180 عاماً أن يرث الموقع الأصلى للمجمع العلمى فى الناصرية أشهر بائعى «سقط الحيوانات» التى بات المهذبون يسمونها «حلويات» فى حين يطلق عليها الشعبيون «السمين».

a

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مسمط «نابليون» مسمط «نابليون»



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon