توقيت القاهرة المحلي 13:49:10 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تسليط الناس على بعضها

  مصر اليوم -

تسليط الناس على بعضها

بقلم - محمود خليل

 

تنوعت أوجه معاناة المصريين خلال فترة الاضطراب التى شهدتها البلاد بعد خروج الفرنسيين من مصر، وحتى تولّى محمد على السلطة عام 1805. كل شىء كان يُتخطّف من أيديهم.. طعامهم وشرابهم، وبيوتهم، وحتى حميرهم، كما حكيت لك ذات مرة.

الأمر لم يتوقف عند المعاناة المشتركة التى فرضها عليهم المماليك والأتراك، بل بدأ كل «غلبان» فيهم يُذيق أخاه «الغلبان» من بأسه وكأس ويلاته، بعبارة أخرى بدأوا يأكلون فى بعضهم البعض، وكأن قهر الولاة لهم لم يكن كافياً، فآثر بعضهم أن يلعب مع غيره لعبة «الشكاوى الكيدية» و«تلفيق التهم».

لم تكن المسألة تتطلب أكثر من مشوار «وقرشين»، يقوم الشخص بالذهاب إلى ديوان الوالى ليشكو أن فلاناً أو علاناً فعل معه كذا وكذا، ليصدر له فرماناً بتعيين شرطى يتولى أمر المشكو فى حقه، حتى يتم الفصل فى الشكوى، ولكى يقوم الشرطى المعين بتأديب المشكو فى حقه، لا بد أن يدفع له الشاكى عدة أنصاف من الفضة، وأن يبذل له بعض العطايا والهدايا حتى يقوم بالواجب.

يدخل الشرطى الموكل بالمشكو فى حقه إلى داره وهو مدجج بالسلاح، فيمسكه من قفاه ويتلو عليه الشكوى، وقرار تعيينه حارساً عليه، وأنه بات شريكاً له فى داره وحياته، ربما يكون الفلاح المسكين الذى وقع فى قبضة الظلم لا يدرى شيئاً عن الشكوى، ولا يعرف الشاكى، ويكون الموضوع ملفقاً من الألف إلى الياء، وأن المسألة لا تعدو مجرد رغبة من جانب جار أو قريب له يريد التشفى فيه وإذلاله بيد الحكومة.

على مدار اليوم يطلب الشرطى المعين من المشكو فى حقه تجهيز الفطور والغداء والعشاء، وإذا كان لديه طيور يذبحها له، ولمن يرافقه، إذا كان معه رفيق، ويبيت -آخر الليل- فى داره، وربما حصل منه أيضاً على بعض المال حتى يحسن معاملته، وهكذا تسير الأمور حتى يتم سحبه إلى بيت الوالى للتحقيق فى الشكوى والحكم فيها.

يقول «الجبرتى»: «وربما يذهب الشخص الذى يكون بينه وبين آخر عداوة أو مشاحنة أو دعوى قضى عليه فيها بحق من زمان طويل، فيقدم «عرضحال» ويعين له مباشراً بفرمان، ويذهب هو فلا يظهر، ويذهب المعين فى شغله، والمشكى لا يرى الشاكى ولا يدرى من أين جاءته هذه المصيبة.

ويمكن أنه من بعد خلاصه من أمر المباشر يحضر إلى بيت الباشا ويفحص عن خصمه ويعرفه، فينهى دعواه ويظهر حجته بأنه على الحق وأن خصمه على الباطل، فيقال له: عيّن على خصمك أيضاً فإن أجاب إلى ذلك رُسم له بفرمان ومعين آخر (شرطى) كذلك وإلا ترك أجره على الله ورجع».

السلطة المستبدة -كما كان الترك والمماليك- تستفيد من نشر الكراهية، وتعميق الضغائن الصغيرة، بين الناس، وتعتمد على أداء يفتقر إلى العدالة ويأخذ بالشبهة، ويقتات على آلام البشر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تسليط الناس على بعضها تسليط الناس على بعضها



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:09 2024 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

مميزات كثيرة لسيراميك الأرضيات في المنزل المعاصر

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

بوجاتي تشيرون الخارقة في مواجهة مع مكوك فضاء

GMT 05:50 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

تسلا تنشر صور للشاحنة سايبرتراك باختبار الشتاء

GMT 13:06 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي عضو لجنة تحكيم الأفلام الطويلة بمهرجان الجونة

GMT 20:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

رسميًا إيهاب جلال مديرًا فنيا لنادي بيراميدز
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon