توقيت القاهرة المحلي 14:42:23 آخر تحديث
  مصر اليوم -

للصدق حسابات أخرى

  مصر اليوم -

للصدق حسابات أخرى

بقلم - د. محمود خليل

رحلة النصر في 6 أكتوبر 1973 بدأت بالصدق، وأعلاه الصدق مع النفس، وقف الكثير من أبناء هذا الشعب لحظة صدق مع النفس، لحظة مواجهة ارتفع فيها صوت الحقيقة على صوت الخداع، فكروا فيها ملياً في الأسباب التي أدت إلى الهزيمة، اتجهوا إلى التعامل معها، بشكل واقعي، بعيداً عن الثرثرة بالكلمات، أو العيش في الأوهام والأباطيل، تفهموا أن ما يعوزهم هو التخطيط، ونبذ الأداء الذي تسيطر عليه العشوائية والتخبط، والخضوع لأمزجة الجالسين في الأدوار الفوقية، وأنهم بحاجة إلى إدراك واقعي لنقاط قوتهم ونقاط ضعفهم، وسعي نحو تنمية نقاط القوة، وعلاج نقاط الضعف.

بكل المقاييس والحسابات الواقعية لم يكن أحد يتصور أن المقاتل المصري قادر على تحقيق النصر على إسرائيل في أكتوبر، ولكن للصدق حسابات أخرى، يقول الله تعالى في كتبه الكريم: "من المؤمنين رجلا صدقوا ما عاهدوا الله عليه" .. الصدق في حياة الرجال الذين تصفهم الآية لم يكن كلمة يلكلك بها اللسان أو شعار تدوي به حنجرة بل كان عملاً يصدق قولاً. كذلك فهم الجيل الذي حارب في أكتوبر معنى الصدق، بعد سنوات متصلة عاشها تحت مظلة واقع يخدعه، ويخدع فيه نفسه.

على مدار السنوات الست الممتدة ما بين عامي 1967 و1973 عاش المصريون فترة مراجعة، توجعوا فيها كثيراً من نتائج الزيف والخداع الذي سلموا أدمغتهم له، وأدركوا فيها حاجتهم الملحة إلى لحظة صدق ونظرة أكثر واقعية إلى حياتهم.

سنوات طويلة من الخداع عاشها المصريون سلمتهم إلى هزيمة 5 يونيو 1967، صدقوا خلالها كلاماً كثيراً مخادعاً، اتجهوا بعده إلى خداع أنفسهم، فأخذهم الخداع إلى حائط المحنة، فانطلقوا يكتبون عليه بالطباشير والأضافير "هنحارب".

طيلة فترة الستينات كان الناس يسمعون أحاديث عن الأقوى والأفضل والأنجح والأكبر والأخطر -وكافة مفردات أفعل التفضيل- في كل جانب من جوانب الحياة، فيفرحون ويصدقون، الكلمات كانت تتدفق من كل حدب وصوب، فيرن بها صوت المذياع، وتصورها شاشات التليفزيون، وترددها وتكررها سطور الصحف، لتسكن داخل الناس. البعض كانوا ينظرون إلى الواقع الذي يعيشون فيه ويتساءلون: هل تعبر هذه الكلمات عن حقيقة ما نعيشه فعلاً؟.

المفارقة كانت تبدو لكل ذي عينين ما بين الواقع الذي تصفه الكلمات، والواقع الذي يعيشه الناس، ورغم ذلك لم يلتفت أحد ويفكر، وفي الحالات التي كان يزن فيها العقل على أحدهم، ويطلب من صاحبه تفسيراً لهذه المفارقة، كان يسكته بالخداع، خداع الذات.

أكثر أنواع الخداع خطراً هو خداع الذات، لأنه يعني ببساطة تعطيل العقل عن التفكير، وتبني ما يقوله الآخرون دون نقد أو تمحيص، والدفاع عنه بلا منطق، بل بالزعيق والصوت العالي. وقد لعب المصريون مع أنفسهم لعبة خداع الذات كثيراً حتى انتهى بهم الحال إلى الهزيمة في 5 يونيو 1967.

الجيل الذي قاتل على مدار أيام حرب أكتوبر 1973 لم يتكرر في تاريخ هذا البلد، ذلك الجيل الذي ثار على "الخداع" وآمن بصدق القول والعمل، الجيل الذي ضحى بكل شىء ولم يأخذ شيئاً، وجنى غيره حصاد تضحياته.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

للصدق حسابات أخرى للصدق حسابات أخرى



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 09:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"
  مصر اليوم - ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ حماس

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 09:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
  مصر اليوم - اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:57 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يصبح أول رئيس أميركي يبلغ 82 عاماً وهو في السلطة

GMT 02:39 2019 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

رانيا محمود ياسين توضح قطع علاقتها بالبرامج التليفزيونية

GMT 09:28 2021 الأربعاء ,11 آب / أغسطس

المصري يعلن انتقال أحمد جمعة إلى إنبي

GMT 02:20 2019 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

إيمي سمير غانم تكشف عن خلاف حاد مع زوجها تحول إلى نوبة ضحك

GMT 12:25 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

طريقة عمل أصابع الجبنة بالثوم

GMT 11:17 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

محمد صلاح يتخذ أولى خطوات الرحيل عن ليفربول

GMT 02:40 2020 الثلاثاء ,23 حزيران / يونيو

تفاصيل إصابة ابن ماما سناء بفيروس "كورونا"

GMT 01:56 2020 الإثنين ,22 حزيران / يونيو

طريقة عمل البوريك التركي بأقل التكاليف

GMT 21:12 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

إليسا تروج لحفلها اليوم في بث مباشر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon