توقيت القاهرة المحلي 14:42:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

البحث عن «رشيد»

  مصر اليوم -

البحث عن «رشيد»

بقلم - د. محمود خليل

ظل حلم نبى الله لوط عليه السلام أن يجد بين قومه «رجلاً رشيداً».. يقول الله تعالى: « وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِى هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِى ضَيْفِى أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ».. ومرت رحلة «لوط» فى الحياة، دون أن يجد هذا الرجل، وكذلك رحلة الكثير من الأنبياء.البحث عن الرشد مثّل الدعوة التى دعاها أصحاب الكهف لأنفسهم وهم يفرون إلى الله: «رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا».

فقد عاشوا بين مجموعة بشرية ضالة وتدعو إلى الضلال، ورزقهم الله الهدى والإيمان، وعاشوا كذلك حتى جاءت لحظة بدأ أمرهم فيه بالتكشف، فقرروا الفرار برشدهم من المجتمع الضال.جوهر الرشد هو الهدى.. والعقل الراشد هو العقل القادر على تمييز الهدى من الضلال.. تجد هذا المعنى متألقاً فى قوله تعالى: «سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِى الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِى الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الْغَى يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً».

ويبدو الرشد فى هذه الآية منحة إلهية، مثله فى ذلك مثل الهدى.والعقل الراشد هو العقل الحكيم القادر على التمييز بين الخطأ والصواب، وبالتالى تجده أقدر على التصرف السليم، تجد هذا المعنى حاضراً فى الآية الكريمة التى تقول: «وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ».

وثمة معنى ثالث للرشد فى القرآن الكريم، تجده حاضراً فى الآية الكريمة التى يخاطب فيها نبى الله «موسى» عبدالله «الخضر» عليه السلام: «قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً»، إننا هنا أمام معنى للرشد يجعل منه أداة لفهم الحكمة الباطنة أو الأعمق التى تخفى على كثيرين، بالإضافة إلى معنى عدم التسرع فى الحكم على الأفعال أو الأشخاص، وقد عانى نبى الله موسى من ذلك حين تسرع فى الحكم على بعض الأفعال التى أتاها عبدالله «الخضر».

نخلص مما سبق إلى أن الرجل الرشيد ببساطة، يمتاز بثلاث خصال رئيسية، أولها القدرة على التمييز بين الحق والباطل، وثانيها مهارة التمييز بين الخطأ والصواب، وثالثها القدرة على القراءة العميقة للأحداث والأفعال واستخلاص الحكمة منها.. والخصال الثلاث من السمات العزيزة التى لا تجدها بسهولة بين الساعين فى دروب الحياة.. فالحق بالنسبة للكثيرين مُر، والاعتراف به قد لا يمثل فضيلة فى نظر البعض، بل قد يضعهم فى اختبارات صعبة.. والخطأ أسهل بالنسبة للبعض من إلزام النفس بالصواب، فالخطأ أحياناً ما يكون فى باطنه المتعة، أما الصواب فقد يلقى بصاحبه فى محنة.. أما الحكمة فلا يؤتاها إلا القليل من البشر، إنها ثروة كبيرة لا تتوافر إلا لمن اختاره الله: «وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا».كان البحث عن رجل رشيد بالنسبة لنبى الله «لوط» أشبه بالبحث عن إبرة فى كوم قش.

   

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البحث عن «رشيد» البحث عن «رشيد»



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon