توقيت القاهرة المحلي 14:27:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

البحث عن «رشيد»

  مصر اليوم -

البحث عن «رشيد»

بقلم - د. محمود خليل

ظل حلم نبى الله لوط عليه السلام أن يجد بين قومه «رجلاً رشيداً».. يقول الله تعالى: « وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِى هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِى ضَيْفِى أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ».. ومرت رحلة «لوط» فى الحياة، دون أن يجد هذا الرجل، وكذلك رحلة الكثير من الأنبياء.البحث عن الرشد مثّل الدعوة التى دعاها أصحاب الكهف لأنفسهم وهم يفرون إلى الله: «رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا».

فقد عاشوا بين مجموعة بشرية ضالة وتدعو إلى الضلال، ورزقهم الله الهدى والإيمان، وعاشوا كذلك حتى جاءت لحظة بدأ أمرهم فيه بالتكشف، فقرروا الفرار برشدهم من المجتمع الضال.جوهر الرشد هو الهدى.. والعقل الراشد هو العقل القادر على تمييز الهدى من الضلال.. تجد هذا المعنى متألقاً فى قوله تعالى: «سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِى الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِى الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الْغَى يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً».

ويبدو الرشد فى هذه الآية منحة إلهية، مثله فى ذلك مثل الهدى.والعقل الراشد هو العقل الحكيم القادر على التمييز بين الخطأ والصواب، وبالتالى تجده أقدر على التصرف السليم، تجد هذا المعنى حاضراً فى الآية الكريمة التى تقول: «وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ».

وثمة معنى ثالث للرشد فى القرآن الكريم، تجده حاضراً فى الآية الكريمة التى يخاطب فيها نبى الله «موسى» عبدالله «الخضر» عليه السلام: «قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً»، إننا هنا أمام معنى للرشد يجعل منه أداة لفهم الحكمة الباطنة أو الأعمق التى تخفى على كثيرين، بالإضافة إلى معنى عدم التسرع فى الحكم على الأفعال أو الأشخاص، وقد عانى نبى الله موسى من ذلك حين تسرع فى الحكم على بعض الأفعال التى أتاها عبدالله «الخضر».

نخلص مما سبق إلى أن الرجل الرشيد ببساطة، يمتاز بثلاث خصال رئيسية، أولها القدرة على التمييز بين الحق والباطل، وثانيها مهارة التمييز بين الخطأ والصواب، وثالثها القدرة على القراءة العميقة للأحداث والأفعال واستخلاص الحكمة منها.. والخصال الثلاث من السمات العزيزة التى لا تجدها بسهولة بين الساعين فى دروب الحياة.. فالحق بالنسبة للكثيرين مُر، والاعتراف به قد لا يمثل فضيلة فى نظر البعض، بل قد يضعهم فى اختبارات صعبة.. والخطأ أسهل بالنسبة للبعض من إلزام النفس بالصواب، فالخطأ أحياناً ما يكون فى باطنه المتعة، أما الصواب فقد يلقى بصاحبه فى محنة.. أما الحكمة فلا يؤتاها إلا القليل من البشر، إنها ثروة كبيرة لا تتوافر إلا لمن اختاره الله: «وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا».كان البحث عن رجل رشيد بالنسبة لنبى الله «لوط» أشبه بالبحث عن إبرة فى كوم قش.

   

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البحث عن «رشيد» البحث عن «رشيد»



GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 08:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon